
الدار/ تحليل
يمتلك الشباب الطموح القدرة على تغيير المسار وتقلب الموازين، وهو ما فعله الشاب المراكشي عبد الإله. بعد أن ظل حلم الميناء والسردين بعيد المنال للعديد من المدن المغربية غير المطلة على البحر، استطاع عبد الإله أن يجسد هذا الحلم بشكل غير مسبوق، ليحقق له ولأبناء منطقته فرصاً اقتصادية جديدة.
قصة عبد الإله بدأت من مدينة مراكش، حيث تربى وسط أجواء حافلة بالتحديات والفرص. إلا أن حلمه كان مختلفًا عن تلك الأحلام التقليدية. على الرغم من أن مراكش ليست مدينة بحرية، فقد كان يرى في البحر والميناء مصدراً للفرص التي يمكن أن تخدم جميع المناطق المغربية، وليس فقط المدن الساحلية. كان يحلم بربط الأماكن البعيدة عن البحر بعالم المنتجات البحرية، وخاصة السردين، الذي يعتبر أحد أهم الموارد الغذائية في المغرب.
الفكرة التي استحوذت على ذهن عبد الإله كانت بسيطة ولكنها رائدة: كيف يمكن توفير السردين الطازج بأسعار معقولة لجميع المغاربة، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي؟ هذا السؤال قاده إلى ابتكار نموذج تجاري فريد، يتيح للمواطنين الحصول على السردين بأسعار لا تتجاوز خمس دراهم، حتى في المدن التي تبعد عن البحر مثل مراكش وسمى محله التجاري لبيع السردين “ميناء مراكش”.
لم يكن الأمر سهلاً، فقد تطلب من عبد الإله مجهوداً كبيراً لجمع المورِّدين، وتحقيق شراكات مع شبكات نقل فعالة، إلى جانب تطبيق آليات لضمان الجودة والتوزيع بشكل دوري. ورغم التحديات التي واجهها في البداية، بما في ذلك قلة الدعم المحلي والتوقعات المبدئية التي كانت تشكك في نجاح فكرته، إلا أن إرادته لم تلن.
ومع مرور الوقت، بدأ المشروع يحقق نتائج ملموسة، حيث أصبح بإمكان سكان المدن غير الساحلية الحصول على السردين الطازج بتكلفة منخفضة، مما ساهم في تحسين الوضع الغذائي في هذه المناطق. ما يعكس إبداع عبد الإله وقدرته بفكرة بسيطة على حل أحد أكبر التحديات التي كانت تعاني منها المدن الداخلية.
المشروع لم يقتصر فقط على تقديم السردين، بل ساعد في خلق فرص عمل جديدة. كما أنه أصبح نموذجًا يحتذى به، حيث ألهم شباباً آخرين لتحقيق أفكارهم المبدعة.
يمكن القول أن عبد الإله لم يحقق حلمه فقط، بل ساعد أيضاً في فتح آفاق جديدة لتطوير مناطق المغرب الداخلية، ليكون مثالاً يحتذى به في الإصرار على النجاح وتحقيق الأهداف، مهما بدت بعيدة أو صعبة المنال.
اليوم اغلق محل عبد الإله لبيع الأسماك في مراكش من طرف السلطات المختصة، لكن الأمل مستمر…