فن وثقافة

كاتدرائية ديل كارمين.. معلمة تاريخية تحافظ على ذاكرة الداخلة

الداخلة: سعيد المرابط 

 

تقف منارتها وسط شارع الولاء، كظلٍ لإرثٍ كولونيالي، بقي غنيمة حربٍ، معلمة من معالم مدينة الداخلة، حاضرة وادي الذهب، ويتدلى صليبها على ساحة المدينة، شاهداً على ذلك الزمن الذي استعمر فيه الإسبان إقليم الصحراء.

كاتدرائية ”نويسترا سينيورا ديل كارمين“، الكنيسة الإسبانية، التي تأسست سنة 1955، بالداخلة، أو ”بِيا سيثنيروس“، كما سماها المستعمر الإسباني.

لا يشير إسم هذه الكنيسة، إلى قديسة مسيحية،  بل إلى ”كارمن بولو فرانكو“، زوجة الدكتاتور الإسباني، ”فرانسيسكو فرانكو“، وهي واحدة من المباني القليلة المتبقية في الداخلة، أول مدينة، ومستقر حضري، في أرض البدو الصحراويين، التي أسسها القبطان الإسباني ”إيميليو بونيلي“، في العام 1883، وآخر مدينة يخرج منها المستعمر، يناير 1976، بشهرين بعد المسيرة الخضراء.

تعرضت الكنيسة، سنة 2004، لمحاولة هدم من السلطات، في إطار بناء الساحة المركزية بالمدينة، أيقضوني ليلا، يقول محمد فضل السملالي، حارس الكنيسة منذ عام 1981، ”ليحذروني من أنهم يدمرون الكنيسة، وقفت أمامهم لتذكيرهم بأنهم يدمرون جزء من تراث المدينة وهويتها“.

”تعلم أن أي شعب ليس لديه ماضي ليس له حاضر، ونحن فخورون بماضينا، ولهذا السبب نريد أن نحافظ عليه“، يقول ”محمد فاضل“، أو ”بوهْ“، كما يحب الجميع مناداته في الداخلة.

ولد ”بوهْ“ في الداخلة سنة 1965، وفي الثلاث سنوات الأولى من عمره اكتشف أنه يعاني من شلل الأطفال، الذي رافقه له مدى الحياة، على كرسي متحرك، مع أنه المكلف بحراسة الكنيسة، هو ناشط جمعوي، رئيس ”جمعية المعاقين“ في هذه المدينة. 

لا يشعر ”بوهْ“، بالدونية، أو الحرج، كونه المسؤول، رغم كونه مسلماً، عن رعاية الكنيسة الكاثوليكية ”نويسترا سينورا ديل كارمن“، التي بناها المستعمرون الأسبان عام 1955.

إنتهى البناء في الداخلة سنة 1942، وكانت المدينة الفتية، التي بنيت على شاطىء البحر، عبارة عن مدرسة، مسجد، سوق، وبعض المنازل للتجار و”فريگ“؛ مجموعة من خيام البدو الصحراويين. 

وفي سنة 1955، إكتمل بناء كنيسة ”نويسترا سينورا ديل كارمن“، التي لا تزال واقفة، كمعلمة تاريخية، تحافظ على ذاكرة المدينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى