
الدار/ خاص
في موقف صريح يُعرّي واقع المزايدات السياسية والإيديولوجية على القضية الفلسطينية، وجّه وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، انتقادًا شديد اللهجة لأولئك الذين يرفعون شعارات دعم الشعب الفلسطيني، بينما لا يُقدّمون له أي دعم حقيقي أو ملموس.
وقال بوريطة، في تصريح خلال لقاء دولي حول حل الدولتين احتضنته الرباط، أثار تفاعلاً واسعًا: “هناك من يخسر فعلاً مع تحقق حل الدولتين، وهم المتطرفون من كل الأطراف الذين لا يتغذون إلا على نار الصراع ولا يعيشون إلا في ظله، وهم أيضًا أولئك الذين يتاجرون بالشعارات ويدّعون مساندة الشعب الفلسطيني دون أن يقدموا له حتى كيس أرز”.
يحمل هذا التصريح دلالات قوية، تعكس استياء الرباط من توظيف القضية الفلسطينية كأداة للمزايدة السياسية والإعلامية، بعيدًا عن الالتزام الفعلي بدعم الشعب الفلسطيني. ففي الوقت الذي تحتاج فيه فلسطين إلى مواقف جادة ومساعدات ملموسة، يكتفي بعض الأطراف بترديد الشعارات الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
تصريحات بوريطة جاءت في لحظة دقيقة من مسار الصراع، حيث يتجدد النقاش الدولي حول فرص إحياء حل الدولتين. وهو خيار تدعمه المملكة المغربية بثبات، باعتباره الحل الواقعي الوحيد الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
لطالما ميز المغرب نفسه بموقف متوازن ومسؤول تجاه القضية الفلسطينية، يجمع بين الدفاع عن الحقوق المشروعة للفلسطينيين، وتقديم الدعم الإنساني والاقتصادي المباشر، خصوصًا في مدينة القدس عبر وكالة بيت مال القدس الشريف، التابعة للجنة القدس التي يرأسها جلالة الملك محمد السادس.
في المقابل، فإن دعوة بوريطة لفضح من “لا يقدمون حتى كيس أرز”، تؤكد رغبة المغرب في تمييز الدعم الحقيقي من الخطاب الدعائي، وتُعبّر عن ضيق الرباط من تناقضات بعض الفاعلين الإقليميين والدوليين الذين يقتاتون على استمرار الصراع، لأن نهايته تعني نهاية أدوارهم المفتعلة.
في عالم يضج بالصراعات والمواقف المتذبذبة، تبرز رسالة المغرب كدعوة إلى الصدق السياسي. فالدفاع عن فلسطين لا يكون بالهتافات، بل بالمواقف والإجراءات. و”كيس الأرز” الذي أشار إليه بوريطة، صار رمزًا فاصلاً بين من يتاجر بالمعاناة، ومن يعمل فعلاً لتخفيفها.