أوربا الغنية تزاحم المغاربة على سردينهم..!
الدار/ أحمد الخليفي
عندما جدد المغرب اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي، فإن التهليل الإعلامي، وحتى السياسي، لذلك الاتفاق، حجب عن الناس الكثير من التفاصيل التي يختبئ فيها الشيطان، وأهمها أن أساطيل الصيد الأجنبية لن تكتفي فقط بتحويل البحار المغربية إلى "ملعب مفتوح"، بل أيضا ستزاحم المغاربة البسطاء على سمكهم المفضل والرخيص، نسبيا، السردين.
ورغم أن الاتفاقية تم تجديدها مع الاتحاد الأوربي، إلا أن أسطول الصيد الإسباني هو المستفيد الأول، اعتبارا للقرب الجغرافي بين البلدين، واعتبارا، أيضا، لكون الصيادين الإسبان جففوا بحارهم منذ زمن طويل، لذلك لا يمكنهم أن يجدوا قوت يومهم في مكان أفضل من المياه المغربية، شأنهم في ذلك شأن البرتغاليين، والذين استفادوا بدرجة أقل من اتفاقية الصيد.
وعُرف عن الإسبان ولعهم الشديد بالسمك، حيث لا يمكن أن تخلو مائدة إسبانية من هذه الأكلة، بالإضافة إلى أن كل مطاعم البلاد، تقريبا، تعتمد على السمك من أجل استقطاب الزبائن، حيث يشكل الإسبان، ومعهم عدد هائل من السياح، أكبر مستهلكين للسمك على الصعيد العالمي.
ومقابل هذا الشغف الإسباني بالسمك، فإن المغاربة، الذين تفوق مساحة بحارهم المتوسطية والأطلسية الثلاثة آلاف كيلومتر، لا يزالون من بين الشعوب الضعيفة في مجال استهلاك السمك، حيث يقدر معدل الاستهلاك السنوي، وفق آخر إحصائية في هذا المجال، أقل من 15 كيلوغراما في السنة.
غير أن هذا التقدير يحمل في طياته الكثير من التجني، حيث أن هناك مغاربة لا يتذوقون السمك إلا نادرا جدا، خصوصا في المناطق البعيدة عن البحار، بينما هناك من يزيد معدل استهلاكهم للسمك حوالي سبع مرات عن معدل الاستهلاك العام.
ويعرف بين عموم المغاربة أنهم يستهلكون على الخصوص ما يسمى بالأسماك السوداء، أي السردين وما يشبهه، في الوقت الذي يبقى استهلاكهم ضعيفا أو متوسطا للسمك الأبيض، والذي يعرف بجودته، وأيضا بارتفاع أسعاره.
الاستهلاك المفرط لسمك السردين على الخصوص، يجد تفسيره في رخص سعره، نسبيا، وهو ما يجعله في متناول الكثير من المغاربة، كما أنه تحول إلى أكلة شعبية في كل المطاعم، خصوصا في الفضاءات العامة حيث يصبح شواؤه على الفحم تقليدا يستقطب الكثير من العشاق.
لكن السمك السردين، صديق معدة المغاربة، قد يذهب الكثير منه مستقبلا نحو شباك الصيد الأجنبية، خصوصا الإسبانية، التي توجهه على الخصوص نحو معامل التصبير العالمية، في ظل الطلب المتزايد عليه بفضل جودته وطعمه المتميز.
وربما سيفاجأ المغاربة في الشهور المقبل بأسعار مستجدة للسردين، وقد يفقد المغاربة، بذلك، آخر علاقاتهم الطيبة والحميمية مع سمك جعل نفسه في متناول موائد الفقراء والأغنياء على السواء.