المغرب وخيار الضربة الإستباقية لتحييد خطر التهديدات الرمادية وإستهداف عناصر بوليساريو الإرهابية
المغرب وخيار الضربة الإستباقية لتحييد خطر التهديدات الرمادية وإستهداف عناصر بوليساريو الإرهابية

في ظل تزايد التهديدات العابرة للحدود، وتنامي التغلغل الإرهابي في تخوم الساحل والصحراء، باتت المملكة المغربية تجد نفسها أمام مفترق حاسم في ما يتعلق بصيانة أمنها القومي، والدفاع عن وحدتها الترابية، والاضطلاع بدور فاعل في هندسة الأمن الإقليمي. فالتعاون العسكري المغربي الأمريكي ، يعيش لحظة نضج غير مسبوقة تتجلى في تنظيم مناورات الأسد الإفريقي، وفي تفعيل صفقات تسليحية متقدمة و بتكنولوجية حربية عالية، فضلا عن التنسيق الإستخباراتي المتواصل الذي منح المملكة المغربية إمتيازا إستراتيجيا ضمن التحالفات الغربية.
و تنذر حالة التسيب الأمني المخيم على منطقة الساحل والصحراء الكبرى بانفجار محتمل، خصوصا على مشارف مخيمات تندوف، التي تحولت تدريجيا إلى بؤر غير مستقرة يسهل إختراقها من قبل الجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة. وفي خضم هذا الواقع المعقد تتزايد المؤشرات على تورط عناصر من بوليساريو في تمرير السلاح وتسهيل تنقل الإرهابيين، بل والانخراط المباشر في بعض العمليات التي باتت تستهدف المدنيين وهو ما يشكل تهديدا صريحا للأمن المغربي ولمصالح شركائه في المنطقة.
إن السياق الإقليمي والدولي يمنح للمغرب اليوم هامش مناورة وتحرك تكتيكي مشروع لتنفيذ ضربات إستباقية دقيقة ضد خلايا إرهابية تنشط تحت غطاء الإنفصال. وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تفضل خطابا دبلوماسيا متزنا،غير أنها و بحكم تقاطع المصالح الأمنية، لن تقف ضد أي تدخلات محسوبة تستهدف التهديدات غير النظامية في المنطقة الرمادية بين الأمن والإرهاب، خاصة إذا تمت وفق تنسيق إستخباراتي محكم، وضمن منطق “الدفاع المشروع عن النفس” كما تقره أدبيات القانون الدولي.
المغرب و بما راكمه من خبرة في الحرب الإستخباراتية والتدخلات الدقيقة، وبما يتوفر عليه اليوم من منظومة جوية هجومية متقدمة تضم طائرات F-16V المزودة بذخائر دقيقة، وطائرات درون عالية الفعالية، بات مؤهلا لخوض عمليات خاطفة وجراحية إستئصالية تستهدف مصادر التهديد قبل أن تتعاظم. هذه العمليات التي تستهدف مكافحة الإرهاب، و تفكيك خطر إرهابي حقيقي ينشط تحت غطاء كيان انفصالي يحتمي بالفوضى ويتقاطع ميدانيا مع شبكات الإرهاب الإقليمي.
وعليه، فإن الضربة الاستباقية لم تعد خيارا نظريا في العقيدة العسكرية المغربية، بل أضحت احتمالا واقعيا، يرتبط توقيته بنضج المعطى الإستخباراتي وتوفر الدعم الدبلوماسي الغربي. فالمغرب الذي ينتهج سياسة ضبط النفس على المستوى الرسمي، لن يتوانى عن إستخدام القوة حين تتحول التهديدات من مجرد خطابات دعائية إلى عمليات إرهابية تمس أمنه الداخلي أو تنطلق من أراض تحتضن خصومه الانفصاليين.
ختاما المملكة المغربية بلد حكيم يحترم الشرعية الدولية، لكن حين يصير الأمن القومي في مرمى الجماعات المسلحة الإرهابية ، فلا يبقى أمام الدول ذات السيادة إلا أن تتحرك بدقة وبهدوء، ولكن بحزم وصرامة.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان
خبير في نزاع الصحراء المغربية.