الجرائم الحقيقية والافتراضية: فكر قليلا قبل أن تشاطرها مع الآخرين.. !
الدار/ إيمان العلوي
الجريمة الوهمية التي تناقلها الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أساس أنها ارتكبت في محطة "ولاد زيان" في الدار البيضاء، واكتُشف أنها مستوردة من أمريكا اللاتينية، ليست الأولى من نوعها في هذا المجال، بل هي فقط حبة في عقد طويل، لا تزال حباته طويلة.
وقبل ذلك انشغل الناس بفيديو مرعب لشخصين وهما يحاولان اقتحام شقة داخلها أسرة "محترمة"
وأطفال يبكون، بينما المهاجمان يهددان بتفجير بوطاغاز وأحدهما يحمل سيفا كبيرا. بعدها اكتشف الناس أنه جزء من سيناريو "متلفز" اسمه "كيف تحصل على التأشيرة في خمسة أيام.. وبدون مشاكل"، فرب الأسرة لم يجد حلا للحصول على تأشيرة سوى فبركة فيديو يتعرض فيه للتهديد بالقتل بدعوى أنه اعتنق المسيحية، وكأن قنصليات أوربا في المغرب لا تنتظر سوى من يغير دينه لكي تستقبله بالأحضان.. !
وقبل ذلك ببضعة أيام تناقل الناس رسالة استغاثة من فتاة من العرائش وهي تقول لأمها أو خالتها إنها مختطفة في محل قريب من البحر، وبالضبط قرب شاطئ مولاي بوسلهام، وكانت الفتاة تتحدث بكثير من الإتقان، والغريب أن امرأة من عائلتها كانت تتحدث معها ببرود تام وكأنها هي التي كتبت السيناريو وأخرجت الفيلم، وبعدها تبين أن الفتاة كانت في رحلة استجمام مع رفيقها، وأنها اضطرت لفبركة حادثة الاختطاف.
نفس سيناريو الاختطاف سلكته فتيات من عدة مدن مغربية، وتبين في النهاية أن وسائل التواصل الاجتماعي صارت تخرّج مواهب حقيقية في السيناريو والإخراج، وصار "اليوتوب" والواتساب تلفزيون من لا تلفزيون له، ولا أحد صار ينتظر موافقة تلفزيون العرايشي حتى ينتج فيلمه الخاص الذي قد يشاهدوه الملايين في بضع ساعات.
لكن من الأكيد أن هناك الكثير من الجرائم المروعة التي وقعت، وكثير من اللصوص والمنحرفين الخطيرين سقطوا بفضل وسائط التواصل الاجتماعي، وهناك العشرات أو المئات من المبحوث عنهم صاروا يختفون اليوم بفضل كشف وجوههم من طرف الكاميرات المبثوثة في كل مكان، وهذا خير عميم لا يمكن نكران فضله لهذه الوسائط.
المشكلة تكمن، إذن، في عقلية البشر وليس في عقلية وسائط التواصل، فهناك الكثير من الناس يتوصلون بشرائط تخص جرائم يقال إنها حدثت في المغرب فيشكون في أمرها ولا يتشاطرونها بالمرة.
وحتى الفيديوهات الحقيقية، مثل الجرائم المروعة لقتل السائحتين الإسكندنافيتين أو التعذيب المروع للراحلة حنان وغيرها كان من الأفضل للناس ألا يتناقلوها بكل ذلك الشره.
في النهاية، لو فكر كل واحد ماذا سأربح من ترويج فيديو بشع مشبوه أو حقيقي، فأكيد أنه لا يربح شيئا، لكن المجتمع كله سيخسر الكثير، والخسارة لا تُرى اليوم، بل ستُرى لاحقا.. بالعين المجردة.