
بحزام محكم ومقص ومنجل، يتسلق مصطفى صديقي جذع نخلة ليقوم، بخبرة وحذر كبيرين، بعملية الجني اليدوي للتمور.
ففي هذه الفترة من السنة، يباشر فلاحو جهة تافيلالت جني ثمار نخيل التمر (Phoenix dactylifera)، وهو صنف يمكن أن تعطي نخلة واحدة منه، عند بلوغها، أكثر من 100 كلغ من التمور.
وبأرفود (إقليم الرشيدية)، تبشر أشجار النخيل المصطفة على جنبات وادي زيز بإنتاج وفير، مما يبعث الأمل في نفوس مصطفى وعدد من فلاحي المنطقة بحصاد أوفر مقارنة مع الموسم الماضي.
وقال مصطفى، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء: “نعول على حرارة الصيف حتى تبلغ هذه الثمار النفيسة مرحلة النضج”، مضيفا أن أمطار الخير التي عرفتها المنطقة خلال السنة الماضية بثت الطمأنينة في قلوب الفلاحين.
وأوضح هذا الفلاح الخمسيني أن “نشاط الجني سيشهد زخما متصاعدا خلال الأيام المقبلة مع نضج الثمار وتحول لونها من الأخضر إلى الأصفر الذهبي أو الأحمر الداكن أو البني الفاتح، مشيرا إلى أن تسلق أشجار النخيل يظل مهمة شاقة تتطلب الكثير من اليقظة والخبرة، حفاظا على سلامة الفلاح وضمان جودة عراجين التمور.
ومع انطلاق جني هذا المنتوج عالي القيمة الغذائية، غصت الأسواق بكميات كبيرة منه، لتشهد إقبالا واسعا من الزبائن والتجار الباحثين عن أفضل الأسعار والجودة.
وأكد بلهاشمي، أحد الباعة بسوق التمور الشهير بأرفود، أن “جميع أصناف التمور متوفرة هنا، من المجهول والفكوس وترزاوة إلى بوسليخن”.
وأضاف: “في الوقت الراهن، الأسعار في المتناول، حيث يتراوح ثمن الكيلوغرام من صنف المجهول بين 40 و90 درهما، بينما يباع الفكوس بـ 20 إلى 40 درهما للكيلوغرام”.
ويستقطب سوق التمور بأرفود زوارا من مختلف أنحاء المملكة وخارجها. وقالت ريبيكا، وهي سائحة قدمت من بلاد الغال في رحلة لاستكشاف معالم المملكة، إنها استمتعت كثيرا بجولتها داخل سوق التمور بأرفود.
وأضافت: “كل شيء مذهل في المغرب، من المناظر الطبيعية وكرم الضيافة إلى حيوية الأسواق ونشاطها”، مبرزة أنها أتيحت لها فرصة الاطلاع على مختلف أصناف التمور المعروضة بالسوق.
ويعد موسم التمور نشاطا مزدهرا بجهة درعة-تافيلالت، التي تعد المنتج الوطني الأول للتمور بحصة تقارب 90 بالمائة من الإنتاج الإجمالي للبلاد، بفضل الظروف الطبيعية والمناخية الملائمة واتساع واحات النخيل بالمنطقة.
ويوفر قطاع التمور بتافيلالت مئات الآلاف من أيام العمل، لا سيما خلال موسم الجني، إضافة إلى الأنشطة المرتبطة به مثل النقل واللوجستيك والتغليف والتسويق.
وحسب معطيات وزارة الفلاحة، بلغ الإنتاج الوطني للتمور 103 آلاف طن خلال الموسم الفلاحي 2024-2025، مسجلا انخفاضا طفيفا مقارنة بالسنوات السابقة، فيما يراهن المهنيون على موسم استثنائي خلال 2025-2026 بفضل الظروف المناخية المواتية التي شهدتها المراحل الأساسية لنمو هذه الثمار.
يذكر أن استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030” تهدف إلى غرس 5 ملايين نخلة في أفق 2030، لبلوغ إنتاج سنوي يقدر بـ300 ألف طن.