أخبار الدارالملكسلايدر

خطاب الملك المرتقب أمام البرلمان: بين انتظارات الشارع ورهانات الزمن السياسي

خطاب الملك المرتقب أمام البرلمان: بين انتظارات الشارع ورهانات الزمن السياسي

بقلم: ياسين المصلوحي

بترقّبٍ كبير، ينتظر المغاربة خطاب صاحب الجلالة عشية الجمعة في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشرة. وتستند المؤسسة الملكية على الفصل 65 من دستور المملكة المغربية، الذي ينصّ على افتتاح الدورة التشريعية الخريفية بخطابٍ يُلقيه الملك بصفته رئيس الدولة.
وطالما شكّلت خطب الملك في افتتاح الدورة التشريعية حدثًا مهمًا ومحطةً في رسم معالم السياسة العامة للبلاد، بالإضافة إلى اجتماعات المجلس الوزاري والخطب الاعتيادية التي يُلقيها جلالته على مسامع المواطنين، والتي تحمل دلالاتٍ ومؤشراتٍ على الأوراش الكبرى التي تُوجّه عمل الفاعلين الحكوميين والبرلمانيين. إلا أن افتتاح البرلمان يكون دائمًا بطابعٍ سياسي، كونه يُخاطب النخب السياسية الفاعلة في المؤسسات الدستورية.
ويأتي خطاب افتتاح البرلمان هذه السنة في ظرفيةٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ استثنائية، لكونها الدورة التشريعية ما قبل الأخيرة في الولاية الحكومية، وبالتالي تُعتبر منعطفًا مهمًا في مجال تشريع القوانين قبل الدخول في مرحلة تصريف الأعمال، وتحسين الحصيلة التشريعية التي يطغى عليها مشاريع القوانين عوض مقترحات القوانين، حيث يُلاحظ سلبٌ ومصادرةٌ للمبادرة التشريعية من البرلمان لفائدة الحكومة.
كما تُعلّق آمالٌ واسعة على خطاب صاحب الجلالة في البرلمان، تفاعلًا مع الاحتجاجات التي عرفها المغرب خلال الأسبوعين الأخيرين من طرف شباب “جيل زيد”، الذين أرسلوا رسائل قوية ومهمة تُعبّر عن انتظاراتهم وأملهم في تدخلٍ ملكي، أو إشاراتٍ ملكيةٍ قادرةٍ على تخفيف الضغط وطمأنة الشارع، خصوصًا بعد قرار الشباب تعليق الاحتجاجات من يوم الأربعاء إلى السبت، في انتظار خطاب الملك يوم الجمعة الذي قد يحمل معه انفراجًا لهذا الاحتقان المجتمعي والسخط القوي على القوى السياسية.
ورغم أن الخطب الملكية، مهما كانت المناسبة، لا تخضع لمنطق الفاعل السياسي الآني الذي يحاول تسجيل نقاطٍ مرحليةٍ محدودة الأثر والمفعول، بل تتجاوز في عمقها الزمن الحكومي لتبلغ الزمن الاستراتيجي الذي يرسم الخطوط العريضة للمشاريع طويلة الأمد وعميقة المفعول، إلا أن بلاغات “جيل زيد” تعقد كل آمالها على التدخل الملكي، إذ عبّرت غير ما مرة عن ثقتها واحترامها للمؤسسة الملكية، باعتبارها أحد أهم الثوابت الجامعة، والضامن الأساسي لوحدة الوطن واستقراره، والملاذ الأخير لأي مواطنٍ لا يجد ضالته في الحكومة أو المعارضة.
وبالرجوع إلى الخطاب نفسه، فأغلب المتتبعين يتوقعون أن يخرج من الإطار التوجيهي إلى الجانب التنفيذي من أجل تحقيق الإصلاحات وإبراز النتائج، كما يُتوقّع أن يتضمّن الخطاب فسيفساء بين انتظارات الشباب ومطالبهم، والدعوة إلى التسريع بالإصلاحات وتنفيذ البرامج، والتوجيه السياسي للحكومة والأحزاب السياسية للوصول إلى انفراجٍ سياسي وإعادة الثقة في العمل السياسي، خصوصًا من طرف الشباب. إلا أن العائق الكبير في تحقيق كل هذا هو قِصر الزمن السياسي الذي تتوفر عليه الحكومة، ونحن على بُعد أقل من سنةٍ واحدةٍ على إجراء الانتخابات التشريعية.
الأكيد هو أن المجتمع، قبل إلقاء خطاب الملك في البرلمان، لن يكون هو المجتمع نفسه بعد الخطاب، خصوصًا وأن المؤسسة الملكية عوّدت المغاربة على التفاعل الإيجابي والرزين مع انتظارات الشعب ومطالبه، وتؤطّرها بما ينفع الوطن والمواطنين.

زر الذهاب إلى الأعلى