أخبار الدارسلايدر

الخطاب الملكي السامي في افتتاح البرلمان: نحن لا ندوس على اعناقنا بخطانا

الخطاب الملكي السامي في افتتاح البرلمان: نحن لا ندوس على اعناقنا بخطانا

بقلم: الدكتور سيدي علي ماءالعينين

لن انساق وراء تلك التعليقات الكلاسيكية التي تعقب كل خطاب ملكي بوصفه بالمهم و التاريخي ،فكل خطب الملك مهمة و مسجلة في التاريخ.
لكن هذا الخطاب يمكن وصف توقيته بالاستثنائي ،او هكذا اريد له ان يكون رغم انه موعد سنوي في افتتاح كل دورة تشريعية . وربما الاستثناء فيه هو كونه آخر خطاب سيوجه للحكومة و البرلمان الحاليين ،على إعتبار ان الدورة التشريعية المقبلة في السنة المقبلة وفي شهر اكتوبر ستكون بحول الله بعد الإنتهاء من الاستحقاقات الإنتخابية التي ستكون في موعدها كما جاء في خطاب العرش.
الباحثون عن اجوبة لما عرفه المغرب ،إجتهدوا في البحث عن الكلمات و الفقرات ليقال إنها تجيب عن التحرك الشبابي و مطالب حركة z.
بل حتى الآية القرآنية التي إعتاد ملوك المغرب ان يختموا بها خطبهم حاول محللون ان يعتبروها هي الرسالة الابرز في الخطاب للحكومة و المحتجين على حد سواء.
هنا وجب أن نقف بداية عند السلوك الملكي و تحركات جلالة الملك في أعقاب الإحتجاجات ، حيث ان الملك واصل انشطته الرسمية المبرمجة في عز التحرك الشبابي ،سواء بخروج الملك للتدشينات كما حدث في الدار البيضاء ، او بإحياء ذكرى وفاة المغفور له الحسن الثاني بالرباط.
وعلى مستوى الحكومة ،فقد ترأس عزيز اخنوش رئيس الحكومة إجتماعين لمجلس الحكومةو الذي خصص حيزا للتحرك الشبابي مع مواصلة عمل الحكومة .
هل هذا معناه ان صوت الشباب لم يصل إلى أعلى سلطة في البلاد ؟
ام ان الملك ووفاء لدستور 2011 اراد ان يخلق المسافة الواجبة بين العمل الحكومي و الحركات الاحتجاجية التي تحتج على حصيلة الحكومة؟
إن الملك وفي دائرة إختصاصه لا يتدخل الا في حالة التحكيم بين أطراف من الدولة متنازعة على امور تدبيرية او لها علاقة بالتوجه العام للدولة.
فالملك ليس ملك جيل واحد ،بل هو ملك كل المغاربة و بمختلف الأعمار و الأجيال ،و هذا معناه ان مطالب جيل واحد و لو تعلق الأمر بالصحة و التعليم هي مطالب لا يمكن تجاهلها ،ولا التساهل بخصوصها. و الملك تناول هذه الملفات في سياق مشروع مجتمعي سماه جلالته ب “المغرب الصاعد “.
ويبقى سؤال المغاربة المتابعين للتحرك الشبابي :
لماذا لم “يتجاوب ” الملك مع “مطالب” جيل z؟
في تقديري ان طبيعة الحركة و طبيعة مطالبها لم يكن من الممكن وضعها في إطار حوار مؤسساتي كما أكد رئيس الحكومة في خطابه ، منها غياب مخاطب و مسؤول كما كان الحال مع حركة 20 فبراير ، ثم بعدها الملف المطلبي الذي اثار “سخرية ” المتابعين من باقي الأجيال ، حين تضمن مطالب من قبيل حل الاحزاب و إقالة الحكومة و محاسبتها جماهيريا و علانيا!!!!
كما أن مطلب إقالة الحكومة ،وجد صداه الإنتخابي لدى فرقاء سياسيين يتربصون بما يحدث ليطرحوا انفسهم كبديل ل”الإنقاذ” ، بل تجرأ بعض ” المتنطحين” بصياغة ورقة كل همها هو الركوب على التحرك الشبابي.
إن الملك هو قيادة دستورية و ليست حكما مطلقا ،و و قيادته يستمدها من المؤسسات و شرعيتها ، و هذا الجيل لا يريد المشاركة في العملية السياسية ،كما لا يملك الجرئة لتحويل شعاراته الى مقترحات عملية قابلة للتحقق.
وعلى هذا الأساس ،فهذه الحكومة لا تحتاج ان تقال ، فموعد الانتخابات في اقل من عشرة أشهر ، و ما هو معروض من مشاريع قوانين وما تعرفه القضية الوطنية بعد جلسة الامم المتحدة قبل ايام ،يجعل الحديث عن اي مس بالمؤسسات فيه مس بإستقرار الدولة و نجاعة هياكلها.
اليوم لا خيار امام كل الفاعلين و امام جيل z, إن كانوا فعلا يريدون الإصلاح ان يبادروا للعمل من داخل المؤسسات بالشكل الذي يتناسب و طموحهم .
مغربنا مغرب صاعد كما سماه جلالته ،و يبدو اننا نحتاج إلى ثورة إعلامية لإبراز هذا الصعود و ربطه بالمواطن ليكون في صلبه و ليس من خارجه ،و هذا ورش لم يعد يحتمل التأخير .
جيل z الذي قال إنه يدعم الملك و الملكية لم يكن موجودا امام البرلمان لتحية الملك ، لكن المغاربة و من مختلف الأجيال جاؤوا وهذه المرة من مختلف المدن للتعبير عن سعادتهم برؤية ملكهم ورمز الاستقرار يمارس مهامهم بعيدا عن تضخيم وضعه الصحي.
حركة z, على منصتها ذات 150 الف منخرط بين حسابات صحيحة و اخرى وهمية و اخرى خارجية ، إكتفى بعد نهاية الخطاب بتغيير رمز المنصة و جعله باللون الاسود دليلا رمزيا على “رفضهم” لمضامين الخطاب.
المخربون هم اليوم في قبضة العدالة ،و جاري البحث عن آخرين ، والمتظاهرون السلميون هم بالشارع يتظاهرون في إحترام تام لحقهم في التظاهر.
ولكن الى متى ؟
الإحتجاج و التظاهر هو سلوك من بين سلوكات نضالية يمكن إعتمادها في التعبير ، لكن السلوك الامثل هو المشاركة السياسية ،وكما تأسس حزب الإستقلال للتعبير عن لحظة تاريخية ، يمكن ان نتحدث عن حزب شبابي جديد يكون مصاحبا للملك في إصلاحه الجاري تنزيله.
هل إنتهى كل شيئ ؟
بالطبع لن يمر ما حدث دون ان يكون له صدا في الدولة ،فلا الحكومة عليها ان تستكين لقرار عدم إقالتها ، كما لا يجب ان يعتقد جيل z, ان هناك تجاهل لصوته ، فللمغرب مؤسسات ستنكب على وضع ما حدث تحت مجهر التحليل و إتخاد القرارات الواجبة بشكل استعجالي ووفق ضوابط الحكامة ودولة المؤسسات.
هكذا تتصرف دولة/ملكية تقيس عمرها بالقرون ،و تتصرف بالفعل و ليس برد الفعل.
فهل تعتبرون ؟

زر الذهاب إلى الأعلى