
الدار/ إيمان العلوي
صادق المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) على حزمة إصلاحات كبرى تُعيد رسم خريطة المنافسات القارية، وتستجيب لتحولات اللعبة عالميًا ومتطلبات الاحتراف وتكدّس الروزنامة الدولية. قراراتٌ تعكس توجّهًا استراتيجيًا يهدف إلى رفع القيمة التسويقية للمسابقات الإفريقية، وتحسين جودة المنافسة، وتخفيف الضغط عن الأندية والمنتخبات على حد سواء.
أبرز هذه القرارات تمثّل في اعتماد تنظيم كأس إفريقيا للأمم كل أربع سنوات بدل النظام المعمول به سابقًا (كل سنتين)، وهو خيار طال انتظاره داخل الأوساط الكروية الإفريقية، ويتماشى مع ما دعت إليه تقارير فنية وتسويقية صادرة عن لجان داخل «الكاف» وخبراء مستقلين، اعتبروا أن الدورية القصيرة تُضعف الاستقرار الفني للمنتخبات وتربك برامج الأندية الإفريقية والأوروبية التي تضم عددًا كبيرًا من اللاعبين الأفارقة. التمديد الزمني يُرتقب أن يمنح المنتخبات هامشًا أوسع للبناء والاستمرارية، ويُحسّن جودة التحضير والمستوى العام للبطولة.
وفي سياق الإصلاح ذاته، أعلن «الكاف» إطلاق مسابقة قارية جديدة للمنتخبات تحت مسمّى «رابطة أبطال المنتخبات الإفريقية»، على أن تُنظّم نسخها في سنوات 2029 و2031 و2033 و2035. هذه البطولة المستحدثة، التي تأتي بتنسيق مؤسساتي مع الفيفا، تهدف إلى خلق منافسة منتظمة عالية المستوى بين نخبة المنتخبات الإفريقية خارج إطار «الكان»، بما يضمن استمرارية التنافس القاري، ويرفع من عدد المباريات ذات القيمة الفنية والتسويقية، ويمنح الاتحادات الوطنية موارد إضافية عبر حقوق البث والرعاية.
وتراهن القيادة الجديدة لـ«الكاف» على أن تُسهم هذه المسابقة في سدّ الفجوة التنافسية، وتحسين تصنيف المنتخبات الإفريقية دوليًا، فضلًا عن منح المدربين واللاعبين منصة منتظمة لاختبار الجاهزية في مباريات رسمية بدل الاكتفاء بالوديات ذات العائد المحدود. كما يُنتظر أن تُبنى البطولة وفق معايير تنظيمية حديثة، تراعي توازن السفر، وفترات الراحة، ومتطلبات الأندية.
أما القرار الثالث، فيتعلّق بإعادة نهائيات كأس إفريقيا للأمم إلى فصل الصيف، ابتداءً من النسخة المقبلة التي ستُقام بتنظيم مشترك بين تنزانيا وكينيا وأوغندا. ويأتي هذا التوجه استجابة لملاحظات تقنية ومناخية ولوجستية، وكذلك لتقاطع الروزنامة الشتوية مع البطولات الأوروبية الكبرى، وهو ما كان يضع اللاعبين الأفارقة في مواجهة ضغوط مضاعفة بين الالتزامات القارية وأنديتهم. العودة إلى الصيف من شأنها تقليل الاحتكاك مع الدوريات، وتحسين ظروف اللعب والجماهيرية، خصوصًا في بلدان شرق إفريقيا التي تستعد لاستثمار الحدث قاريًا وتنمويًا.
بقراراته الأخيرة، يبعث «الكاف» رسالة واضحة مفادها أن الكرة الإفريقية تدخل مرحلة إعادة هيكلة شاملة، تُوازن بين الطموح الرياضي والواقعية التنظيمية، وتستثمر في الاستدامة بدل الحلول الظرفية. مرحلةٌ يُنتظر أن تُعيد الاعتبار للمنافسة القارية، وتمنح إفريقيا موقعًا أكثر اتساقًا وتأثيرًا داخل المنظومة الكروية العالمية.






