بنموسى حول “لاسامير”: السلطة التنفيذية في الدولة تكتفي بالتفرج
ترجمة: حديفة الحجام
محمد بنموسى من الوجوه البارزة في "الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول"، وهي مبادرة أطلقها، في يوليوز 2018، فاعلون من المجتمع المدني واقتصاديون وخبراء، كما تدعمها نقابات عمالية ومتعاطفون. يشرح
لموقع "لوديسك" الخبير الاقتصادي لدى "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" صاحب التجربة الطويلة في عالم المال وشغل مناصب مسؤولية متنوعة لماذا يجب إنقاذ مصفاة البترول الوحيدة في البلاد، "لاسامير"، وكيف بالإمكان إنقاذها. وفي هذا الصدد كان ضمن فريق إعداد تقرير تسلمته السلطات المعنية.
لماذا هذه الاستماتة في الدفاع عن بقاء "لاسامير"، علما أن نموذج الاستيراد المباشر للمحروقات يعمل بصورة جيدة في الخارج؟
يبدو أنك نسيت أن "لاسامير" كانت جوهرة الصناعة المغربية. فقد تأسست غداة حصول بلادنا على استقلالها على يد رجال دولة من أمثال عبد الرحمن بوعبيد وزير الاقتصاد الوطني والمالية في حكومة عبد الله إبراهيم، ومكنت هذه المصفاة من ضمان التحكم في الحاجيات المغربية من الطاقة، وساهمت في النمو الاقتصادي والصناعي. وساهمت في استقطاب النشاط الاقتصادي والحياة الاجتماعية إلى مدينة المحمدية. وأدارها لأكثر من ثلاثة عقود مسؤول رفيع هو عبد الرفيع منجور. لكن وضعية التقهقر بدأت عندما جرت خوصصتها سنة 1997.
منذ تلك الحقبة ودول غير منتجة للبترول كالمغرب أصبح لها حضور في الصناعات المرتبطة بتكرير البترول. وهي كذلك حال كوريا الجنوبية واليابان والسويد وألمانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وتركيا وجنوب إفريقيا… لقد اختارت جميعها سياسة صناعية قوية: البقاء قوية في الطاقات الأحفورية وتطوير الطاقات المتجددة أيا كان نوعها، شمسية أو هوائية أو بحرية.
هل تعتقد أن عزيز أخنوش، نظرا لمكانته في عالم الأعمال وفي السياسة، يدير خيوط هذا الملف؟ وهل لفضيحة المحروقات علاقة بانحراف "لاسامير"؟ هل يتصرف بانتهازية في وقت أصبح فيه مصير المصفاة شبه مقرر؟
لست مخولا لقول ذلك. العدالة هي من عليها التحقيق وفعل ما يلزم إن دعت الضرورة لذلك. لكن لا يمنع الفاعل الاقتصادي والمسؤول السياسي والمناضل الجمعوي مثلي أن يقف بصورة مبنية على الوقائع على الاختلالات الثلاثة التالية: أولا، لا يسمح في الديموقراطيات الحقيقية الخلط بين ممارسة السلطة السياسية وممارسة الأعمال، سيما حينما تكون هناك مكانة مهيمنة في قطاع اقتصادي ويكون هناك تأثير ممنهج على مجموع الفاعلين في هذا القطاع، إن لم نقل على اقتصاد البلد بصفة عامة. فمجموعة "أكوا" تهيمن على 40 في المئة من في سوق يشتغل فيه الفاعلون بمنطق العصابات. ثانيا، تشتغل أجهزة التقنين والرقابة بصورة سيئة في البلد، أو أنها لا تعمل إطلاقا. فسياسيونا لم يفكروا بطريقة جيدة قبل تحرير أسعار المحروقات، وهو ما مكن من تقديم 17 مليار درهم إلى موزعي المحروقات على طبق من فضة في ظرف 24 شهرا! ولا يمثل هذا الرقم المدهش سوى ارتفاع هامش أرباحهم. إنه اغتناء من غير سبب لعصابة على حساب كل المغاربة وعلى حساب القدرة الشرائية للمستهلكين ولتنافسية المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة. وما هذه الوضعية المستمرة إلى اليوم إلا نتيجة منطقية لعجز مزدوج: عجز الحكومة عن اتخاذ قرارات سياسية واقتصادية جيدة والإصلاح السريع للاختيارات السيئة لمن سبقوها، وعجز مجلس المنافسة عن ممارسة صلاحياته أو منح سلطته لمن في يده سلطة اتخاذ القرارات إن رأى أنه يتعرض للمنع.
هل تظن أن الأفعال التي تطرقتم لها في تقريركم تمثل مجموعة من المؤشرات حول وجود إرادة متعمدة من الدولة و/أو لوبيات أخرى للقضاء على هذه الأداة الصناعية؟ إن كان الجواب نعم، لم في نظركم؟
فلنعد إلى الأفعال من جديد: لو كانت "لاسامير" ما تزال تعمل إلى الآن، لكانت تقلبات أسعار النفط الخام في السوق العالمية امتصتها شركة التكرير، أو على الأقل خففت من حدتها مع الوقت. لكن أما وأن الموزعين يعكسون ارتفاع الأسعار بصورة منهجية، أما العكس فغير صحيح، ليس من غير أن يحرصوا سلفا على تقديس مستويات هوامشهم التي، وكما سبق ورأينا ذلك، ارتفعت بصورة صاروخية في وقت قياسي. إن غياب صناعة التكرير في المغرب منذ ثلاث سنوات أدت، على هذا الأساس، إلى الارتفاع المهول في الأسعار في محطات الوقود وفي أرباح الموزعين. هذه حقيقة لا يختلف فيها اثنان. والحقائق لا تعرف المجاملة. وهناك حقيقة ثابتة أخرى: لا تتدخل الدولة لتغيير موازين القوى. فالحكومة التي تعتبر السلطة التنفيذية في الدولة تكتفي بالتفرج، وتكون تعليقاتها أحيانا بصورة غير رسمية، لكنها لا تقوم بأي شيء ولا تتخذ أي قرار. وهذا أيضا حد آخر من حدود نموذجنا السياسي.
قمتم بإرسال التقرير إلى عدة مؤسسات في الدولة وإلى سياسيين وغيرهم. كيف كان رد فعلهم؟ هل تشعر أن هناك صمتا من الدولة تجاه قضية "لاسامير"؟
أُرسل التقرير إلى كل أصحاب القرار في السلطة العمومية. من أعلى قمة في هرم الدولة، الديوان الملكي ورئاسة الحكومة، إلى رئيسي غرفتي البرلمان والوزراء المعنيين بالقضية والأمناء العامين للأحزاب السياسية ورؤساء الفرق البرلمانية وأهم اللجان ووالي البنك المركزي ورئيس مجلس الحسابات… قليل من المسؤولين ردوا على دعوتنا. لقد تلقانا ودعمنا في خطوتنا نبيل بنعبد الله ونبيلة منيب وبعض الفاعلين السياسيين كرئيس مجموعة حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب ورئيسي مجموعتي حزب العدالة والتنمية والاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين أو الكاتب العام لوزارة الشؤون العامة والحكامة. إلا أن أهم أصحاب القرار في الملف، وهم وزراء الطاقة والمعادن، عزيز الرباح، والاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، والاستثمار والصناعة والتجارة، حفيظ العلمي، أداروا ظهورهم لنا. ونقطة الحديث الوحيدة التي تلقيناها هي أن الملف بين يدي العدالة وأن الحكومة لا تتدخل في قرارات العدالة. وهو تبرير مضلل على الأقل، ما دام أن العدالة سبق وقالت كلمتها الأخيرة، في الاستئناف كما في محكمة النقض. ولن يستطيع أي مشتر صناعي أو مالي تحويل مبلغ 2.5 أو 3 مليار دولار للمحكمة التجارية بالدار البيضاء لإعادة شراء "لاسامير" دون أن الحصول على الحد الأدنى من الضمانات من الحكومة بخصوص رؤيته للسياسة الصناعية في الطاقات الأحفورية وتطور التشريع الخاص بالبيئة وانفتاح مصفاة البترول على المنافسة أو الحماية الجمركية في علاقة باستيراد المنتجات المكررة.
أين الدولة حاليا في هذه القصة؟ هل هي في عداد الغائبين؟ هل تبحث في الخارج؟ لقد قامت بتكليف مكتب "الناصري وشركاؤه" للترافع ضد "كورال" أمام "المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار". هل ترى أن التزام الحكومة الصمت بخصوص التحركات التي تقوم بها باسم الدولة وبالتالي باسم دافعي الضرائب أمام هيئة التحكيم هذه أمر طبيعي؟
لقد سبق وأجبت، على الأقل في جزء، عن هذا السؤال المتعلق بموقف الدولة من ملف "لاسامير". أما بخصوص المسطرة التي فتحها العمودي ضد المغرب أمام "المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار"، فالخطر كبير. صحيح أن مكتب الناصري لا يجب عليه كشف التبريرات القضائية التي يرغب في عرضها على "المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار"، لكيلا يؤثر على حظوظ نجاح المغرب في هذه المسطرة القضائية المحفوفة بالمخاطر التي تتجاوز حدود الوطن، لكن على الحكومة أن تطلع ممثلي الأمة عن تقدم الملف، إن لم يكن في جلسة عمومية فعلى الأقل في لجنة تقوم بأعمالها في جلسات مغلقة. هذا التمرين ينبع من وجهة نظري من استيعاب جيد لروح الدستور.
لماذا تحالفتم في هذه القضية مع فيدرالية اليسار الديموقراطي؟ هل تجاهلتهم بقية الأحزاب السياسية؟
فيدرالية اليسار الديمقراطي هي من تحالف مع "الجبهة"، لكن ليست هي الوحيدة في فعل ذلك. لقد استجابت لندائنا بطريقة إيجابية ونحن نشكر لها صنيعها. "الجبهة" هي مجموعة من مكونة من أحزاب سياسية ونقابات ومنظمات غير حكومية ومثقفين وخبراء، يحركهم جميعا الرغبة في إنقاذ مصفاة البترول الوحيدة في المغرب. هذا هو سبب وجود "الجبهة". للأسف، أنا ألاحظ أن باقي التشكيلات السياسية التزمت الصمت إزاء هذه القضية الوطنية، على الأقل في الوقت الحالي. الاستقامة الفكرية تتطلب منك أن تشير لقرائك إلى أن رؤساء لجنة الفلاحة والقطاعات المنتجة والفرق البرلمانية التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب وحزب الأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد المغربي للشغل داخل مجلس المستشارين، دعت الوزير الرباح إلى جلسة مساءلة في موضوع "لاسامير".
من بين خيارات إنقاذ المصفاة التي تقترحونها، ما هو الخيار الذي ترون أنه قابل للتطبيق بعد ثلاث سنوات من توقف المصفاة؟
لقد اقترحنا 5 حلول للخروج من الأزمة من الأعلى: التدبير الحر، والتفويت للغير، وتحويل الديون إلى مساهمات في رأسمال الشركة، والتأميم، أو التفويت إلى شركة مختلطة. ونحن نفضل الخيار الأخير لأن رأس المال سيكون في ملكية ستة أصناف من المستثمرين ممن لهم رغبة في الانضمام إلى مجلس إدارة الشركة المختلطة لأخذ القرارات الاستراتيجية والمساهمة في مراقبة الحكامة: شركة دولية متخصصة في مهن التكرير في قطاع البترول والغاز، والدولة المغربية، وموزعي المحروقات في المغرب، وأهم البنوك المغربية المقرضة، وكبار المستثمرين المؤسساتيين وموظفي "لاسامير". وعلى هذه الشركة المختلطة أن تمتلك كل الأصول الموجودة في ملكية "لاسامير"، وتوقع على اتفاقية استثمار مع الدولة المغربية ترمي إلى تحديد واجبات وحقوق كل طرف. وستتطرق هذه الاتفاقية إلى التعاون اللازم بين المتعاقدين لضمان توفير أفضل ظروف للإنتاج وتطوير سلسلة تحول وتقييم، شريطة تأمين تزويد المغرب بمنتجات نفطية ذات جودة وبأثمنة منخفضة.
عدد من المشترين يتوافدون على باب "السانديك". وتقريركم لا يتطرق إلى هذا الموضوع. هل تتوفرون على عناصر تخص هذا الموضوع؟ هل اطلعتم على بيانات المحكمة؟ ما هو شعوركم إزاء إعادة تفويت محتملة لـ "لاسامير" لفائدة مصالح أجنبية؟ هل هناك خطر عيش مسلسل آخر على شاكلة مسلسل العمودي؟
ليس تماما. نحن نقول في التقرير إنه، منذ إصدار "السانديك القضائي" في فبراير 2017 لطلب إبداء الاهتمام، عبرت أزيد من 25 شركة ومجموعة دولية عن رغبتها في شراء مصفاة المحمدية، وأغلبها قام بزيارات ميدانية. وبعضهم استقدم معه خبراء في مهنة تكرار البترول. وتمكنوا من الاطلاع على دفتر التحملات وحصلوا على المعطيات التقنية والعملية والمالية بصورة معمقة. وإلى حدود الساعة التي أتحدث فيها، ما زال عرضين إلى ثلاثة عروض قائمة ولا ننتظر إلا توضيحات الحكومة وضماناتها، وهي التي تطرقنا إليها آنفا للمرور إلى الفعل. وعلى أية حال، لن يكون هناك حل قابل للتطبيق ومستدام من دون مشاركة الدولة في مجلس إدارة المشتري المستقبلي للسهر على ملاءمة القرارات الاستراتيجية وجودة الاختيارات الصناعية والوفاء لمبادئ الحكامة والصدق في نشر التقارير المالية.
كيف تقيمون التحركات التي تجري حاليا أمام المؤسسات القضائية الخارجية، سيما "المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار التي أبطالها الدولة المغربية و"كورال" و"كارليل" أو ضد العمودي من قبل "بي بي إينيرجي"؟
يجب النظر إلى هذه التحركات بالجدية اللازمة، ولو أن المغرب يدافع عن حقه. فمن غير المجدي التذكير بأن العمودي، وهو يطلق مسطرة تحكيم لدى "المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار" في حق بلدنا، يكون قد خرق مقتضيات دفتر تحملات الخوصصة ولم يحقق الاستثمارات المتفق عليها في الوقت المحدد ولم يحترم التزاماته بإعادة رسملة الشركة وقاد مصفاة البترول المغربية الوحيدة إلى الانهيار. دون أن ننسى الأخطاء الكثيرة وحالات الغش المرتكبة من طرف إداراتها العامة: توزيع عوائد وهمية وخرق القوانين الجمركية والتبادل وإساءة استخدام أموال الشركة وتضارب المصالح وغيرها. مع ذلك لدينا نقطة ضعف كبيرة في هذا الملف. وهي متعلقة بالإهمالات وبالأخطاء المهنية والتواطؤات التي لاحظناها على عدة مستويات من المسؤوليات: داخل الإدارة العامة والقطاع الخاص ووزارة المالية والجمارك وداخل سلطة مراقبة سوق البورصة والبنوك والمحاسبين ومديري الشركة… وهناك أيضا ملف "كارليل" الذي يتهم الدولة بوضع يدها على بترول كان في ملكيتها وبيعه وبأنها كانت تودعه لدى "لاسامير"، وتطالبها بأزيد من 400 مليون دولار أمام "المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار"، وهي محكمة تحكيم تابعة للبنك الدولي اشتهرت بقرارات عالية الرمزية كتعويض 380 مليون دولار سنة 2017 لصالح الشركة الأمريكية للبترول والغاز "بورلينغتون ريزاورسز" لعملية مصادرة الإكوادور المحكوم بـ "عدم قانونيتها"، أو إدانة دولة الأرجنتين سنة 2015 بغرامة تفوق 400 مليون أورو لقطع علاقات التجارية مع "المياه الأرجنتينية"، فرع مجموعة "سويز أونفيرونمون". الخطر أمامنا كبير وعلى محامينا أن يحسنوا حبك ملفهم.
من يقف وراء "الجبهة"؟ وكيف تأسست؟
لقد سبق وأخبرتك. موظفو "لاسامير" والنقابات وحتى بعض الأحزاب السياسية والجمعيات والخبراء والمثقفين. المحرك الأساسي لـ "الجبهة" هو منسقها الوطني، صديقي الحسين اليمني. لكن ما يثير السخرية هو الخطاب المزدوج لبعض التشكيلات السياسية التي أرسلت ممثليها إلى الجمع العام التأسيسي لـ "الجبهة" يوم 14 يوليوز 2018، في حين يرفض أمناؤها العامون استقبال قيادييها بصورة رسمي. إنها سيطرة السكيزوفرينيا أو ببساطة الجبن السياسي!
بعض المصادر من أطراف ذات صلة بالقضية تدعي أن "الجبهة" التي تمثلونها لا تعدو كونها أنف مستعار للإيهام بوجود معارضة، في حين أن ملف "لاسامير" طُوي وما إن تنتهي القضية حتى يقال إن أصواتا عبرت عن رأيها بكل حرية لكنها لم تستطع الإقناع. هل ترون هذا الأمر مجرد تشويه أم أنه يكشف شيئا ما؟
أنا أراه مجحفا ولا أساس له بالمرة. الاعتقاد أن الأمر مجرد مسرحية كوميدية يعني إهانة 1000 مستخدم من مستخدمي الشركة وإهانة أقاربهم الذين يحاربون بضراوة منذ ثلاث سنوات لإنقاذ مصادر قوتهم. وأزيد من 20 في المئة غادروا الشركة بسبب الإحالات على التقاعد والاستقالات… والوفاة. أنا أفكر فيهم بشيء من التأثر، فقضيتهم عادلة ويجب الدفاع عنهم باستماتة. أضف إلى ذلك أن كل مغربي غيور لا يمكن أن يقبل برؤية اقتصاد بلاده رهينة في يد عصابة، ولا أن يكون حاضرا عند إصدار الحكم بالإعدام على الرأسمال الصناعي للوطن والتدمير المبرمج للقدرة الشرائية لمواطنينا وتهميش تنافسية نسيجنا المكون من المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة. أما فيما يخص خادمك الماثل أمامك، كل مساري المهني والسياسي والجمعوي منذ أزيد من عقدين يشهد على التزامي بخدمة الصالح العام.
أنت تشير إلى عدد من المسؤوليات المدرجة في تاريخ هذه القضية. هل أنت ممن يعتقدون أن ربط المسؤولية بالمحاسبة كما ينص عليها الدستور وأشار إليها الخطاب الملكي ليوليوز 2017 ليس لها أي أساس؟
ربط المسؤولية بالمحاسبة مدرجة بصورة واضحة في الدستور ولا يفتأ الملك يذكر بها. هذا المبدأ ليس مجرد مفهوم نظري. فالقرارات الملكية مكنت من إعطاء نوع من التناسق الحقيقي تلقاه الرأي العام بنوع من الانشراح، سيما في العقوبات الصادرة في إطار مشروع "منارة المتوسط" أو إقالة الوزير الأسبق بوسعيد. لكن ليس هذا الأمر كافيا. لا يمكن للملك أن يكون دركي كل المخالفين. على كل مسؤولي الدولة أن يتحملوا حصتهم من العبء. ويجب على الحكومة أن تتعامل معه بالجدية اللازمة. فكل وزير مجبر على تحمل مسؤولية التطبيق الفعلي لهذا المبدأ الدستوري في إطار مسؤولياته. وعلى كل الهيئات الرقابية والتنظيمية العمل بصورة سليمة، ولا يجب لتقارير المحاسبة التي تعدها أن تبقى مجرد حبر على ورق: المجلس الأعلى للحسابات وبنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي ومجلس المنافسة والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة… ويجب أن تكون الإحالة على القضاء أمرا منهجيا في حال ثبوت فساد وأن تطبق على الجميع دون امتياز أو حماية. وفي الأخير على السلطات المضادة أن تلعب دور كلب الحراسة: وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية والمثقفين… باختصار، يجب أن تسود عقلية جديدة لإعادة الثقة إلى المغاربة في مؤسساتهم وممثليهم وإعطاء معنى للحكامة العامة.
أنت عضو في هيئات "الاتحاد العام لمقاولات المغرب". أين هو مزوار و"الباطرونا" من هذه القضية؟ لماذا كل هذا الصمت؟
أنا عضو فعلا في مجلس إدارة "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" وأنا أعمل فيه خبيرا اقتصاديا، لكن يبدو لي أن سؤالك موجه بالأساس إلى صلاح الدين مزوار. أنا لست ناطقا باسمه أو محاميه حتى. ولا يجب أن تنسي كذلك أن ممثل "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" في مجلس المستشارين استقبل قياديي "الجبهة" وعبر لهم عن تضامنه مع هذه القضية. وهو يُلزم تنظيم "الباطرونا". مشكور على ذلك.