هل فشل الحراك الجزائري فيما نجحت فيه قوى الحرية والتغيير بالسودان؟
بدا الحراك الجزائري وهو يدخل شهره السابع بطيء الوتيرة في تحقيق أهدافه، إذا ما قورن بما حققه المحتجون في السوادن، الذين توصلوا مع السلطات العسكرية إلى تشكيل حكم مدنيّ، كان أبرز مطالبهم بعد إسقاط الرئيس عمر البشير.
ويرفض محللون جزائريون، الجزم بـ ”فشل الحراك الجزائري، فيما نجحت فيه قوى الحرية والتغيير في السودان”، ويتكئون على حزمة معطيات وعوامل، تثير إلى أن بين الحالتين اختلاف في المسار والأهداف.
ويشير البرلماني السابق والكاتب عدّة فلاحي إلى بعض الأهداف التي نجح فيها الحراك بعد إسقاط الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، ومنها ”تحرير المؤسسة العسكرية والقضاء، والسماح بفتح ملفات الفساد ومحاربة المفسدين على مستوى أعلى هرم السلطة وإيداعهم في السجون“.
غياب القيادة
ويقرّ فلاحي أنّ الجزائر لم تخرج بعد من الانسداد السياسي، مرجعًا ذلك إلى ”عدم إفراز الحراك قيادة تحاور السلطة الفعلية بخصوص الانتقال الديمقراطي“، معتبرًا أنّ الحراك في الجزائر حقّق جزءًا من أهدافه وليس كلها، ولا يزال باقيًا.
وذهب فلاحي إلى أنّ ما يحدث في الجزائر مغاير لما وقع في السودان الذي شهد مجازر وسقوط قتلى بعد الاحتجاجات التي وقعت قبيل وبعد سقوط عمر البشير.
ويرى أن ”الحل الذي توصل إليه السودان بين الجيش وقوى التغيير، حتى وإن ظهر في البداية بأنّه حل للمسألة أو الأزمة السودانية المعقّدة والطويلة، فأنا أظن بأنه حل مؤقت“.
تفادي العنف
من جانبه، ركز المحلل السياسي مروان لوناس على أنّ الحراك الجزائري ”لم يفشل، بل نجح في إفشال مخطط النظام طيلة الستة أشهر الماضية“.
وقال لوناس: ”الحراك أجبر الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة، وأجهض كل محاولات تمديد حكمه ولو لعام واحد“.
وأشار لوناس إلى نجاح الحراك في ”إفشال إجراء انتخابات رئاسية لمرتين على التوالي، وإفشاله عقد ندوة الحوار بقيادة رئيس غير شرعي“.
وبين لوناس أنّ ”الحراك نجح في إفشال مخطط السلطة لتوقيف ثورة الشعب أو جرّها إلى العنف والمواجهة، مثلما نجح الحراك في إحباط محاولات اللعب على أوتار الجهوية والعرقية والأيديولوجية“.
وأشاد لوناس بنجاح الحراك في البقاء مستمرًا رغم كل ذلك، ونجاحه في صناعة وعي، وانضاجه بشكل غير مسبوق.
ويرى المحلل السياسي أنّه ”من غير اللائق وغير المناسب المقارنة بين التجربتين الجزائرية والسودانية فهما مختلفتان على الأقل في تفادي الحراك الجزائري الوقوع مع الجيش في مطبّ العنف والمواجهة على خلفية تجربة الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي“.
هل تحققت أهداف الجزائريّين؟
وقال فتح الله ”إذا حوّلنا المطالب الأولى إلى أهداف، فإنّ أغلبها تحقّق بالنظر إلى حالتي الخوف والترقب، وإذا تحدثنا عن النجاح فيمكن أن نصف سلمية الحراك وعدم تعنيف السلطة الفعلية للمتظاهرين على شاكلة دول الربيع العربي، نجاحًا في حدّ ذاته“.
ومن وجهة مقارنة، يلاحظ فتح الله أنّ ”حالة العسكر في الجزائر والسودان فيها من التشابه والاختلاف، فالتشابه يكمن في عسكرة السلطة منذ تأسيس الدولتين، والاختلاف في دور العسكر“.
وأضاف“بينما كانت تحركات الجيش السوداني ردّة فعل لحراك الجماهير، الجيش الجزائري كان مترقبًا بل واستبق الحراك بسنوات في تغيير هادئ من داخل النظام وعمق أجهزته الأمنية والعسكرية، ما جعل الجيش مسوّقًا لفكرة التغيير من الداخل قبل الحراك“، حسب رأيه.
ويصعُب في المقارنة بين التجربتين الجزائرية والسودانية، وإصدار حكم نهائي بالفشل أو النجاح قبل استقرار الأمور في كلا البلدين، ووجود نتائج يلمسها الشعبان، إن على المستوى الاقتصادي الأهم للمحتجين، أو على المستوى السياسي، الذي يعد المؤشر الأوضح لوضع التقييم المناسب للحراكين.