أخبار الدار

هل تنجح الحكومة في اختيار الوزير المناسب للحقيبة المناسبة؟

الدار / رشيد عفيف

من المسلم به أن حكومة سعد الدين العثماني حصدت منذ تعيينها الكثير من الخيبات والإخفاقات في ملفات اجتماعية واقتصادية ساخنة. لائحة هذه الإخفاقات طويلة بدء بالتدبير المرتبك لقضية إصلاح المنظومة التربوية، مرورا بالفشل الذريع في تأهيل القطاع الصحي وصولا إلى التأخر عن الموعد في كثير من الملفات التي وضعت على رأس قائمة أجندة الإصلاحات كملف إصلاح الإدارة وحل مشاكل الاستثمار وبلورة تصورات جديدة في مختلف القطاعات الحكومية.

أكبر دليل على هذه الحصيلة السلبية التي يقر بها الجميع هو النفس الاحتجاجي والكوارث المتعاقبة والتعثر المزمن الذي تعرفه الكثير من المشاريع. خلال العام الماضي شهدت العديد من القطاعات موجة إضرابات متواصلة جسدها حراك الأساتذة المتعاقدين الذين لا يزال ملفهم قابلا للاشتعال، ثم الطلبة الأطباء الذين عاشوا لأول مرة منذ عقود سنة بيضاء بسبب تعنت الحكومة، ناهيك عن مختلف الاحتجاجات التي شهدتها الأحياء الصفيحية التي شهدت في الشهور الماضية محاولات للهدم من أجل تنفيذ برامج إعادة الإيواء. هذه الأمثلة غيض من فيض الفشل الذي طبع عمل هذه الحكومة منذ تعيينها رغم تضخم الجهاز البيروقراطي الذي يمثلها.

ومنذ أن أعلن الملك محمد السادس في خطابه الأخير عن تكليف رئيس الحكومة باقتراح عملية تعديل للتركيبة الحكومية دخلت مجموعة سعد الدين العثماني في خضم اختبار جديد. إنه اختبار سياسي بالدرجة الأولى يتمثل في إيجاد التوليفة الحكومية المرضية لجميع الفرقاء والحلفاء داخل الأغلبية الحكومية والتي تتوفر فيها الشروط التي نص عليها الخطاب الملكي وعلى رأسها شرط الكفاءة. والظاهر أن الكفاءة المنشودة عملة نادرة في الهيئات الحزبية المشلكة للأغلبية بل إنها ربما مفتقدة بين المسؤولين الحكوميين الحاليين.

ولذلك يستبق مصطفى الخلفي، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة أمس الخميس احتمالات فشل سعد الدين الحكومي في تعديل تركيبته بالحديث عن أن موضوع التعديل الحكومي الذي جاء كتكليف ملكي سامٍ، يدبره رئيس الحكومة على مستوى الاقتراحات بشكل شخصي وبشكل مباشر مع الأحزاب المعنية.

وفي الندوة الصحفية التي أعقبت انعقاد المجلس الحكومي، أمس الخميس، حاول الوزير الذي قد يكون على من بين الوزراء المعنيين بالتعديل التقليل من مسؤوليات رئيس الحكومة بروتوكوليا بالعودة إلى الدستور مؤكدا أن رئيس الحكومة سيقوم بإعداد لائحة المقترحات، ويشتغل على هذا الأمر ويدبره، وأن اختصاصات رئيس الحكومة هي رفع المقترحات لجلالة الملك، وسيتم الإعلان عن جميع الإجراءات التي تهم الموضوع وفقا للمقتضيات الدستورية المنظمة لذلك.

في طيات هذا التصريح نلمس غياب اللمسة السياسية لرئيس الحكومة الذي يواجه في مفاوضات التعديل سواء مع إخوانه في حزب العدالة والتنمية أو مع حلفائه في الأحزاب الأخرى تحديات كبيرة لتحقيق تلك المعادلة الصعبة بين جبر الخواطر وتلبية رغبة الملك في شرط الكفاءة. وهذه التحديات تضع العثماني في حرج كبير خصوصا أن العودة إلى مسألة الكفاءة تشمل بالأساس وزراء حزبه الذين أثبت عدد مهم منهم انعدام الرؤية وغياب الكاريزما اللازمة لتدبير قطاعات استراتيجية وحساسة. ولن يكون من المحبذ أبدا أن يفشل رئيس الحكومة في صياغة لائحة مقترحاته بالشكل المطلوب إذ تعتبر الحكومة في غنى عن إخفاق جديد ينضاف إلى إخفاقات التدبير. بعبارة أخرى تحتاج حكومة العثماني إلى قدر كبير من الكفاءة في اختيار واستقطاب الكفاءات المطلوبة للمرحلة المقبلة.

وكان الملك محمد السادس في خطابه الأخير قد أكد على ضرورة، تعيين أطر كفأة في جميع المجالات سواء كوزراء أو مسؤولين على مستوى المؤسسات العمومية للدولة والمناصب الحساسة في تنزيل السياسات العمومية. ويضع هذا التوجيه رئيس الحكومة في قلب مهمة صعبة قد ينجح فيها، كما يمكنه الفشل كذلك في اختيار الوزير المناسب للحقيقة المناسبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر + عشرين =

زر الذهاب إلى الأعلى