صومعة حسان أيقونة ثقافية بأبعاد عالمية
الدار/ فاطمة الزهراء أوعزوز
مدينة الرباط من أبرز مدن المغرب ذات الصيت التاريخي، بالنظر لأهمية المآثر التاريخية الموجودة بالمدينة، والتي جعلت من الرباط أيقونة المدن المغربية، وعلى رأسها صومعة حسان التي تعتبر من كبريات هذه المآثر.
صومعة وطنية بمواصفات عالمية
بعيدا عن التعريفات التاريخية، والتوضيحات العلمية والمعمارية التي يقدمها العارفون بالتاريخ حول هذه المعلمة، يمكن الحديث عنها من الجانب الآخر المتمثل في استقطاب مختلف الجنسيات ما يجعل منها محطة ثقافية لا يمكن للمسافرين، أن يمروا عليها كعابري سبيل بل يحطون بها الرحال، حيث يستغلون الفرصة لالتقاط الصور كدليل يثبت زيارتهم لهذا المحج التاريخي الذي يستقطب السياح من مختلف أنحاء العالم، بل وتستهوي زيارته مختلف الفئات العمرية.
زيارتها قد تتحول إلى عادة
من المشاهد التي تشد انتباهك، وتجعل من هذه الزيارة فسحة مجالية مستحسنة تتحول في الكثير من الأحيان إلى عادة أدمنها الكثير من الزوار، هي الهندسة المعمارية ذات الطابع المغربي الذي يحضر وبشكل بارز على مستوى بنايتها، الأمر الذي يعتبره الكثيرون الجزء الأساسي الذي يحفز على تكرار الزيارات، اعتبارا لكونه عنصرا يرفع من منسوب الإحساس بالانتماء للمكان، الذي يختزل العديد من المحطات التاريخية، التي لا زالت موشومة في ذاكرة المغاربة على حد سواء.
تقع هذه المعلمة التاريخية التي يعتبرها زوارها أيقونة الرباط التاريخية، في موقع مهم بالمدينة، وتعتبر واحدة من المعالم التاريخية التي أشرف على تشييدها السلطان يعقوب المنصور الموحدي في عهد الموحدين، إذ تخلد أحد أكبر المساجد بالمغرب الذي كلما تعرض للاندثار التي تهدد إحدى معالمه البارزة، تسارع الجهات الوصية إلى إعادة ترميمه بحنكة ودقة متناهيتن، في خطوة فعلية تترجم الأهمية البالغة التي تعيرها الدولة المغربية لهذه المعلمة التاريخية.
وأنت مُول وجهك قبلة الصومعة تستشعر العظمة
من الأحاسيس التي تعتريك وأنت مول قبلتك في اتجاه بناية الصومعة العظمة، خصوصا وأن المعالم المعمارية المحيطة بالصومعة تعتبر شاهدا حيا على فرادة هذه المعلمة التي لم تعبث بها مؤثرات الزمن بعد، كونها تبين خصوصية نوعية، وحنكة في البناء والتشييد، الذي أشرفت عليه أيادي حريصة على رعاية التراث المغربي وحفظه بما حفظ المرء المقومات التي تشد من أزر وعضد إحساسه بالانتماء.
كثيرة هي معدات البناء المغربي، التي تحفظ للمغرب فرادته وأصالته الخاصة، خصوصا وأن الإسمنت والحجر المنحوت هو العنصر البارز في بناء الصومعة، في لمحة أساسية لبصمة الثقافة المغربية التي تم استدعاؤها بقوة أثناء التشييد، وهو الأمر الذي يجعل هذه "الأيقونة" تستهوي عشاق الهندسة المعمارية المغربية، وتشد انتباههم إلى درجة كبيرة، إلى جانب المواد الخشبية والرّخامية، كما تقام إلى جانبي سور القبلة مجموعةٌ من الأبراج، والتي اتخذت كأسلوبٍ للزينة ولكنْ في الواقع مهمتها الحفاظ على تَوازن هذا البناء.
الجانب الروحاني يوحد الديانات بقلب الصومعة
من المميزات التي تسم هذه المعلمة التاريخية، طابع العالمية التي تشد الزوار إلى التوافد المستمر واستحضارها للجانب الروحاني المتمثل في قاعات الصلاة الكبرى، والتي تستهوي حتى غير المسلمين الذين يفضلون زيارة هذه القاعات المميزة بمساحاتها الشاسعة، اعتبارا لكونها توفر مجالا رحبا للاستقرار النفسي والذي يبعث على التعايش الديني والتثاقف بين العديد من الديانات والحضارات، بالنظر إلى وفرة السياح الذين يتوافدون بشكل مستمر على الصومعة.
وبالنظر للطابع العالمي الذي أصبحت الصومعة تتسم به، فقد قامت منظمة اليونسكو بضمها إلى قائمة المعالم التاريخية المهمة التي تتصدر قائمة المعالم الحضارية، التي تتربع على قائمة البنايات المعمارية، التي كتب لها أن تحتل موقعا بارزا ضمن العديد من المعالم الأخرى التي تتنافس على هذه المكانة، وهو الأمر الذي تترجمه الزيارات المتكررة لها.