داخل ورشة صغيرة، في ركن من أركان منزلها، تعكف الفنانة التشكيلية الموريتانية، سعيدة التوينسي، على الانتهاء من مجموعة من اللوحات قبل تقديمها للجمهور في معرض، إلى جانب عدد من اللوحات لفنانات أخريات.
تعمل ”التوينسي“ في هذا المجال منذ أكثر من عشر سنوات، قدمت مجموعة من الأعمال في عدة معارض، وتشتغل على تحسين الذوق لدى الأطفال من خلال تقديم دروس في الفن التشكيلي.
تقول التوينسي إن ”عمل الفنانين التشكيليين في موريتانيا تعترضه جملة من الصعوبات، أبرزها نظرة المجتمع التقليدي لهذا الفن، وقلة أعداد المهتمين به ومتذوقيه، حيث ينحصر الاهتمام بأصحاب الثقافة الفرنكفونية، أو الأنجلوسكسونية“.
وترى التوينسي، أن ”المعارض التي يتم تنظيمها من قبل الشباب والشابات، تساهم في تغيير نظرة المجتمع لهذا الفن، رغن أن نظرة المجتمع للفن التشكيلي تبدو جيدة بالمقارنة مع نظرته لفنون أخرى“.
وتضيف:“حتى المواد الأولية التي نستعملها في عملنا يتم جلبها من خارج البلاد، الدولة لا تقوم بما ينبغي عليها أن تقوم به، يجب فتح كلية أو معهد للفنون الجميلة في موريتانيا، لكي ترعى أصحاب المواهب، وتستوعب العاملين في المجال حاليًا“.
وسيلة للتعبير
من خلال المعارض التي ينظمنها تحاول الفنانات التشكيليات الموريتانيات، إثبات أنفسهن في مجال الفن التشكيلي، رغم الإكراهات المحيطة بالمجال.
وقد أثبتت معظمهن، قدرتهن على حمل راية الفن التشكيلي في البلاد، وكان تعاطيهن مميزًا مع مختلف القضايا، من خلال اللوحات والرسومات التي يبدعنها تعبيرًا عن أنفسهن وقضايا مجتمعهن.
في موريتانيا لا يزال التعاطي مع الفن التشكيلي محصورًا في فئة معينة، ويحترفه الرجال في الغالب، لكن ذلك لا يعني حرمان النساء من العمل والإبداع فيه، رغم محدودية الوسائل والعوائق المحيطة.
وبحسب الفنان التشكيلي خالد ولد مولاي إدريس الذي يرأس دار الفنانين التشكيليين، وهي تجمع يضم معظم العاملين في المجال، فإن ”هذا الفن يتيح للمرأة التعبير عن نفسها وعن قضاياها؛ لأن الكثير من أدوات التعبير يمكن الاستعاضة عنها بالإيحاءات التي يمكن للفن التشكيلي أن يتيحها“.
ويرى ولد مولاي إدريس أن ”من أهم الأسباب التي جعلت المرأة الموريتانية تتوجه للفن التشكيلي وتتميز فيه، هو التهرب من الألفاظ المتداولة شعبيًا وثقافيًا، والتي تحد من عطاء المرأة في الجانب الثقافي“.
ويضيف خالد، أن ”التوجه للفنون البصرية، هو امتلاك لأدوات يمكن التعبير بها في مجتمع تقليدي، يحارب انطلاقة المرأة والكثير من الأمور الإبداعية التي تحاول المرأة أن تعبر بها“.