أخبار دولية

الحكومة الفرنسية تخطط لـ«إعادة ضبط» سياسة الهجرة

كشف رئيس الحكومة الفرنسية إدوار فيليب الأربعاء عن سلسلة من الإجراءات الجديدة الهادفة "لإعادة السيطرة" على ملف الهجرة، أبرزها فرض حصص سنوية لاستقبال العمالة الأجنبية وفق متطلبات الاقتصاد الفرنسي. وسيتولى البرلمان الفرنسي تحديد عدد المهاجرين الذين سيتمكنون من دخول سوق العمل حسب احتياجات الدولة في قطاعات معينة.

قررت فرنسا تبني سياسية جديدة في مجال الهجرة تعتمد على مبدأ الحصص كما هو معمول به في بلدان أخرى على غرار كندا وأستراليا.

وكشف رئيس الحكومة الفرنسية إدوار فيليب صباح الأربعاء عن حزمة جديدة من القوانين، تتمثل أبرزها في فرض حصص من المهاجرين وفق احتياجات بعض القطاعات الاقتصادية التي تفتقر إلى عمالة أو كفاءة كافية، على غرار قطاع البناء والسياحة والزراعة والمعلوماتية…

وهي المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة الفرنسية قرارا مماثلا بالرغم من أن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي (2007-2012) تطرق في العديد من خطاباته إلى ما أسماه بسياسة "الهجرة الانتقائية".

وفي خطابه، قال إدوار فيليب "إن الحكومة الفرنسية تريد أن تفرض سيطرتها على سياسة الهجرة مع مراعاة القيم الإنسانية التي تدافع عنها من جهة، ومواكبة التطورات التي يشهدها العالم من جهة أخرى"، مؤكدا في الوقت نفسه أن "فرنسا ستضغط على المستوى الأوروبي من أجل إصلاح منطقة "شينغن" وقانون اللجوء السياسي".

وأضاف فيليب أن بلاده "ستتخذ إجراءات مشددة للحد من الهجرة غير الشرعية كما ستقوم أيضا بجهود أكبر لتنظيم الهجرة الشرعية والتحكم فيها".

البرلمان هو الذي سيحدد سنويا عدد المهاجرين

ومن بين أهم الإجراءات، وعددها 20 إجمالا، التي كشف عنها رئيس الحكومة الفرنسية، مسألة تحديد نسبة العمالة الأجنبية في فرنسا والتي سيحددها كل سنة البرلمان الفرنسي وفق الاحتياجات الاقتصادية، فضلا عن مساعدة المهاجرين في الاندماج داخل المجتمع الفرنسي عبر العمل وتقليص الضرائب المفروضة على وثائق الإقامة في فرنسا.

كما تعتزم الحكومة تقليص المدة المخصصة لدراسة طلبات اللجوء السياسي (غالبا هذه المدة تتعدى 6 أشهر) وإبعاد كل المهاجرين غير الشرعيين أو أولئك الذين يتم رفض طلبهم المتعلق باللجوء السياسي.

من جهتها، كشفت وزيرة العمل الفرنسية موريال بنيكو في حوار مع قناة "بي إف إم" أمس الثلاثاء أن "في المستقبل، فرنسا هي التي ستقوم بتوظيف المهاجرين وفق احتياجاتها الاقتصادية. وهي طريقة جديدة في التعامل مع ملف الهجرة، طريقة شبيهة بما تقوم به كل من كندا وأستراليا" حسب قولها.

وأضافت "سيتم في الصيف المقبل تحديد القطاعات الاقتصادية التي تشكو من نقص حاد في اليد العاملة". كما ينتظر من البرلمان الفرنسي أن يلعب دورا هاما في هذا الإطار كونه هو الذي سيحدد سنويا عدد المهاجرين الذين يأتون إلى البلاد لأسباب اقتصادية.

من 150 إلى 300 ألف منصب شاغر حسب مكتب العمل

هذا، وأضاف عمار الحميداوي، موفد فرانس24 إلى مقر الحكومة الفرنسية الأربعاء أن فيليب أكد أن "هذه الإجراءات تحترم بشكل تام مبادئ المجتمع الفرنسي والنظرة الفرنسية بخصوص استقبال اللاجئين"، وتابع أن في ذلك "رد رسمي للانتقادات التي تتعرض لها الحكومة الفرنسية في ملف الهجرة". كما نقل عن فيليب قوله إن "فرنسا لا تريد أن تعطي إشارات خاطئة لتشجيع قدوم المهاجرين إليها وأنها ستقوم بتحجيم الدعم والرعاية الصحية الممنوحة للمهاجرين".

وتشير إحصاءات صادرة عن مكتب العمل (بول أمبلوا) إلى وجود ما بين 150 و300 ألف منصب عمل شاغر في مجالات عديدة وأبرزها مجال البناء إلى ذلك، توالت ردود فعل عديدة إزاء الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الحكومة في مجال الهجرة حيث وصفتها مارين لوبان زعيمة حزب "التجمع الوطني" (اليمين المتطرف) "بالاحتيال السياسي".

وتساءلت في تصريح مقتضب للقناة الفرنسية الثانية "مع وجود ستة مليون عاطل عن العمل في فرنسا، أليس من الأفضل أن نوفر العمل للفرنسيين قبل كل شيء؟"، مشيرة إلى أن "إجراءات الحكومة الجديدة ستزيد من عدد المهاجرين الذين يأتون إلى بلادنا".

" ساركوزي حلم بسياسة الحصص وماكرون جسد حلمه"

أما يانيك جادو، وهو نائب في البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر أنصار البيئة فيرى أن "سياسة الحصص ستضع حدا لفكرة متداولة بقوة مفادها بأن فرنسا ترزح تحت ثقل الهجرة وستبين أن مجتمعنا يحتاج إلى مهاجرين اقتصاديين".

من ناحيته، عبر غيوم بولتييه نائب رئيس حزب "الجمهوريون" (يمين) عن "مساندته لسياسة الحصص" التي قد تقلل نوعا ما من عدد المهاجرين" حسب تعبيره، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى "إصلاح جذري وشامل لسياسة الهجرة".

أما النائب هيغو برنالسيس من حزب "فرنسا الأبية"، فقال مشيرا إلى نوع من التناقض "بعدما حاربت الحكومة اللاجئين ومنعتهم من الحصول على الحماية الصحية، اليوم تقترح فرض حصص لاستقبال المهاجرين"، في حين أن الحكومة حسب قوله "لا تتراجع عندما يقتضي الأمر بوصم أو استهداف فئة من المجتمع الفرنسي".

من جهتها قالت إيركا بريغتس النائب في البرلمان عن الحزب الاشتراكي "ساركوزي حلم بسياسة الحصص ماكرون جسد حلمه وجعله أمرا واقعا".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى