غير مصنف

طلحة جبريل يكتب حلقات عن قصة تأسيس “وكالة المغرب العربي للأنباء” (الحلقة الثالثة)

طلحة جبريل 

انتقل مقر وكالة A.C.P  الفرنسية  التي  حصلت وكالة المغرب العربي للأنباء حق توزيع أخبارها، تدريجياً إلى مقر "لا ماب" في الرباط، واضحت جزءا منها، بعد أن اشترت خطوطها في المغرب وفرنسا. وشرعت في توزيع اخبارها ثم دمج اخبارها في اخبار وكالة المغرب العربي لقاء تعويضات مالية.


ويواصل المهدي بنونة رحلة التذكر فيقول " اتجهنا الى وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس بريس) واشترينا حق توزيع اخبارها في المغرب. الا ان وكالة الانباء الفرنسية احتفظت بمكتبها الرئيسي في الرباط. كما احتفظت بمراسلين لها في الدار البيضاء وطنجة. ودخلت وكالة رويترز الساحة. وفتحت مكتبا لها في الرباط وبدأت توزع اخبارها. وكان سهلا بالنسبة لنا شراء حق توزيع تلك الاخبار خاصة ان رويترز لا تملك خطوطا في المغرب. كما تم اتفاق آخر مع وكالة اسوشيدت بريس، لقاء مبلغ زهيد هو عبارة عن اشتراك في نشرتها.
نلاحظ إذن أن وكالة المغرب العربي للانباء أضحى لها حق توزيع اخبار جميع الوكالات في المغرب ولم يات هذا الاحتكار بتدخل من الحكومة او بضغط منها، بل عبر اتفاقيات تجارية محضة.
حين أنشأت وكالة المغرب العربي، توخيت ان تكون وكالة حرة، ليس للحكومة دخل في نشاطها، ولا تتقاضى منها أي إعانة، بل إن الحكومة اشتركت في خدمات الوكالة مثل غيرها من المشتركين، ولم يكن هذا الاشتراك يخفي دعما مستتراً. الا أن اشتراكات الوزارات والادارات الحكومية شكلت مصدراً مهما في دخل الوكالة. واشتركت في خدمات الوكالة الاذاعة المغربية والتلفزة حين تاسستا عام 1963.


وكان اشتراك الاذاعة والتلفزة من أهم مصادر دخلنا، وأعتقد ان قيمة اشتراكهما ظلت أهم مصدر دخل مادي للوكالة إذ أن الوكالة جعلت مسالة تحديد قيمة الاشتراك رهينة بحجم الاستعمال.
لذلك تفاوتت قيمة اشتراكات الصحف طبقا لنسبة توزيعها.فالصحيفة التي توزع عشرة الاف نسخة لا يعادل قيمة اشتراكها تلك التي توزع ثلاثين الف نسخة. في حين أن اشتراك الوزارات والادارات الحكومية رغم أهميته. كان ضئيلا لأن أخبار الوكالة تنحصر الاستفادة منها في دائرة ضيقة داخل كل وزارة.
اقتصرت مصادر اخبار الوكالة الخارجية في البداية على مناطق معينة مختارة، واعتمدت في الأساس على مصادر فرنسية وبريطانية. وأردنا التغلب على هذه الوضعية، لذلك عقدنا اتفاقيات مع وكالة D.P.A الالمانية الغربية، ووكالة انسا الايطالية ANSA. وتانيوغ اليوغسلافية. معتمدين في هذه الاتفاقيات مبدأ تبادل الأخبار دون تعويضات مادية.
بالنسبة للوكالات العربية لم تكن هناك سوى وكالة انباء (الشرق الأوسط المصرية) MENA. كانت قد بدأت ضعيفة جداً والواقع انها كانت أضعف من وكالة المغرب العربي للأنباء لكن الرئيس جمال عبد الناصر أعطاها دفعة قوية فاتسع مجال عملها. وفتحت مكتبا لها في المغرب، اقتصر على مراسلة الوكالة في القاهرة دون القيام بمهمة توزيع الاخبار، وفي فترة لاحقة عقدنا مع وكالة أنباء الشرق الاوسط اتفاقا لتبادل الاخبار. بعد أن تخطينا مرحلة التأسيس وأصبحنا نملك حق توزيع أخبار الوكالات الأجنبية في المغرب. وقفت الوكالة على قدميها واتسعت دائرة زبائننا. واستطاعت الوكالة الاعتماد على نفسها ماديا.
يواصل المهدي بنونة قائلاً “ لابد من العودة الى الفكرة الاساسية التي من أجلها أسسنا الوكالة. حين أنشئت الوكالة ضمنا قانونها الاساسي نصا يشير الى أنها وكالة لدول المغرب العربي (المغرب وتونس وليبيا) وهي الدول المستقلة أنذاك. على أن تغطي الجزائر فيما بعد، حيث لم تكن قد استقلت بعد. كما يشير النص الى أن تقدم الوكالة خدماتها بالتساوي لهذه الدول، وأن تكون حرة وغير حكومية.
الخطوة الاولى لتحقيق الفكرة اقتضت إجراء اتصالات مع المسؤولين في تونس وليبيا. وبالفعل اتصلت مع محمد المصمودي وزير الاعلام التونسي آنذاك وعرضت عليه المشروع ، وقلت له إن الوكالة أضحت قائمة الذات ودعوته لمساهمة تونس فيها.
اعتراض المصمودي واضحاً وصريحاً إذ قال لي في هذا الصدد: أنتم في المغرب دولة ذات تعددية حزبية وفي تونس لا يوجد الا الحزب الدستوري وهو الحزب الحاكم، لذلك لا يمكن أن تكون عندنا وكالة انباء غير حكومية. وتناقشنا طويلا حول الموضوع وطلبت منه قبل الاجابة بالرفض القاطع، عرض الامر على الرئيس الحبيب بورقيبة وبعد أيام أجابني بأن الرئيس بورقيبة يشاطره موقفه. لذلك لابد من إنشاء وكالة أنباء حكومية في تونس. وعملت مع المصمودي في وضع تصوير لانشاء تلك الوكالة ووضعنا مخططا انشئت على ضوئه وكالة تونس افريقيا للأنباء TAP .
اتخذت الحكومة الجزائرية المؤقتة في ذلك الوقت تونس مركزا لها، وحين فاتحتهم حول الموضوع، جاء جوابهم بأنهم يرغبون في إنشاء وكالة انباء لكن لابد ان تكون تابعة للحكومة لانهم ما يزالون في طور الكفاح. فأنشأوا في فترة لاحقة وكالة الانباء الجزائرية A.C.P . وأشرفت بنفسي على مساعدة مجموعة من التقنيين المغاربة التابعين للوكالة لتركيب تلك الالات في شارع الدباغين في تونس حيث كان يوجد المقر المؤقت لوزارة الاعلام الجزائرية.
بعد أربع سنوات استدعيت من طرف المسؤولين الليبيين، وأبلغني وزير الاعلام الليبي خليفة التليسي رغبة الحكومة الليبية في إنشاء وكالة للانباء. فقدمت لهم مشروعا لتأسيس الوكالة، وتم تنفيذه في فترة وجيزة بفضل الات حديثة اشتروها من شركة سيمنس. نلاحظ إذن أن الهدف الذي توخيناه من تأسيس الوكالة، والذي حملت اسمه، اي وكالة للمغرب العربي لم يتحقق، للأسباب التي ذكرتها.
اتجهنا لتغطية أخبار القارة الافريقية تغطية كاملة ومتميزة، خاصة بعد استقلال عدد كبير من الدول الافريقية وفي عام 1964 بدأنا في بث نشرة خاصة الى افريقيا باللغة الفرنسية، وفي فترة لاحقة باللغة الانجليزية وحتى تصل النشرة الى الدول الافريقية بات ضرورياً الاستعانة بالراديوتالتيب وفي هذا الاطار كانت تعمل في طنجة شركتان أمريكيتان، هما شركة RCA، يقضي بقيام محطتها في طنجة ببث النشرة باتجاه افريقيا.كانت النشرة ذات ابعاد واهمية خاصة. تركز على الاخبار الافريقية التي تهم افريقيا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وزودنا النشرة باخبار الدول العربية. التي لم تكن لها آنذاك صلات قوية مع الدول الافريقية. خاصة دول افريقيا الغربية الناطقة بالفرنسية. وبالنسبة للاخبار الخاصة بالقضية الفلسطينية اتبعنا طريقة خاصة تلائم اسلوب وتفكير الافارقة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى