وزيرة الجيوش الفرنسية تعرب عن قلق بلادها لتراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط
عبرت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي السبت في خطاب أمام مؤتمر "حوار المنامة" السنوي، عن قلق بلادها بسبب تراجع الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.
وانتقدت بارلي ما اعتبرته تجنب القوات الأمريكية الرد على الاعتداء على سفن في مضيق هرمز اتهمت إيران بالمسؤولية عنه، لكنها أكدت أن الولايات المتحدة تبقى حليفا يمكن الاعتماد عليه.
أعربت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي السبت عن قلق بلادها من نتائج ما اعتبرته تراجعا "تدريجيا ومتعمدا" للدور الأمريكي في الشرق الأوسط، معتبرة أن ما وصفته بتجنب الرد على اعتداءات في الخليج اتُّهمت إيران بالوقوف خلفها، قد أدى لأحداث "خطيرة".
ومنذ ماي، تشهد المنطقة توترا متصاعدا على خلفية هجمات غامضة ضد ناقلات نفط وضربات بطائرات مسيرة وصواريخ استهدفت منشآت شركة أرامكو النفطية السعودية.
وقد ألقت الولايات المتحدة والسعودية ودول أخرى باللوم على إيران، التي نفت أي دور لها. لكن على الرغم من هذه الاتهامات والحوادث، تجنبت الولايات المتحدة الرد بالمثل، بالرغم من أن حليفتها السعودية كانت مستهدفة.
وقالت بارلي في خطاب خلال مؤتمر "حوار المنامة" السنوي "رأينا عدم انخراط أمريكي تدريجي متعمد"، مضيفة أن هذه السياسة "كانت مطروحة على الورق" لفترة من الوقت لكنها أصبحت أكثر وضوحا مؤخرا.
وأضافت "عندما مضى تلغيم سفن دون رد، أُسقطت الطائرة بدون طيار. وعندما حدث ذلك بدون رد، قُصفت منشآت نفطية رئيسية. أين تتوقف هذه الأحداث؟ أين الأطراف التي تفرض الاستقرار؟".
وتابعت بارلي أن "المنطقة معتادة على انحسار ثم تزايد التدخل الأمريكي. لكن هذه المرة بدا الأمر أكثر خطورة".
من جهته، رفض وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير الحديث عن انسحاب أمريكي من المنطقة، مؤكدا أن "لا شك" في وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها.
وقال "الولايات المتحدة حليف يمكن الاعتماد عليه إلى حد كبير، كما كان على مدى العقود السبعة الماضية".
وتابع "هناك رغبة في الولايات المتحدة تاريخيا لمحاولة التراجع على الساحة الدولية، لكن هذه الرغبة لا تنعكس في الموقف الأمريكي" على الأرض، مضيفا "الأمريكيون متواجدون في المنطقة لأنهم القوة العظمى الوحيدة على وجه الأرض".
ودافع الجبير عن رد الرياض على الضربات التي استهدفت أرامكو في سبتمبر، قائلا إن المملكة كانت "صبورة من الناحية الإستراتيجية" في تحقيقاتها بالهجوم حتى لا يكون هناك "أي شك" حيال الجهة التي تقف خلفها. وتابع "لقد قلنا طوال الوقت أننا لا نريد الحرب".
ورد الجنرال كينيث ماكنزي قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط، على الانتقادات الموجهة لدور واشنطن في المنطقة، معترفا في الوقت نفسه بأن هذه المسألة قد لا تكون من الأولويات بالنسبة للأمريكيين.
وقال للصحافيين على هامش المؤتمر "لدينا حاملة طائرات في المنطقة، ودعمنا السعودية… لا أتفق تماما مع السردية القائلة بأننا تخلينا عن المنطقة أو أننا نغادرها".
وتابع "من الواضح أن للولايات المتحدة أولويات دولية أخرى، هذا ربما ليس من أبرز أولوياتنا الدولية، لكن أعتقد أن (الوجود في المنطقة) يبقى شديد الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة".
وفي وقت سابق، قال ماكنزي أمام المنتدى إن "هناك الكثير من المياه لنغطيها. وببساطة، ليس لدينا ما يكفي من الموارد لنكون حيث نريد أن نكون في الوقت الملائم".
وعبرت حاملة الطائرات الأمريكية أبراهام لينكولن مضيق هرمز الأسبوع الماضي في خطوة، قال البنتاغون إنها طريقة لإظهار التزام الولايات المتحدة بحرية الملاحة.
وهذه أول حاملة أمريكية تمر من المضيق الذي يشكل معبرا لثلث النفط في العالم منذ أن أسقطت إيران في يونيو طائرة استطلاع أمريكية في المنطقة.
وكانت الولايات المتحدة قد اتهمت إيران بإطلاق الصواريخ والطائرات من دون طيار باتجاه أرامكو من أراضيها، لكن الرياض تجنبت توجيه الاتهام ذاته وبدأت تحقيقا في الهجوم.
في السياق ذاته، وضعت وزيرة الدفاع الفرنسية نفسها على النقيض مع الولايات المتحدة بشأن أمن الملاحة في الخليج، بعدما أطلقت واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر تحالفا بحريا مقره البحرين لحماية الممرات البحرية في المنطقة.
وقالت بارلي إنّ فرنسا تؤيّد مهمة أوروبية منفصلة، من المفترض أن تبدأ "قريبا جدا". وأوضحت "نريد أن نوضح أن سياستنا مغايرة لسياسة الضغوط القصوى الأمريكية" على إيران.
وكانت فرنسا وبريطانيا قد اقترحتا في يوليو بناء تحالف لحماية السفن في الخليج، لكن لندن انضمت في ما بعد إلى التحالف الذي أطلقته الولايات المتحدة هذا الشهر ويضم أستراليا والولايات المتحدة ودولا خليجية بينها السعودية.
وفي خطابها، تحدثت بارلي أيضا عن احتمال استخدام الأسلحة الكيميائية مرة جديدة في سوريا، واعتبرت أن هذا الموضوع "خط أحمر" بالنسبة لفرنسا. وقالت "نعم هناك خطر حدوث ذلك وعندما تنظر إلى محافظة إدلب فهناك خطر كبير.
أنا مقتنعة بأنه إذا تم استخدام هذه الأسلحة مرة أخرى، فإن فرنسا ستكون مستعدة للرد". كما تطرقت بارلي إلى التوترات حيال حلف شمال الأطلسي "ناتو"، معتبرة أنه يظل حجر الزاوية للأمن في أوروبا لكن "حان الوقت للانتقال من الموت السريري إلى التخطيط".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أثار جدلا في وقت سابق من هذا الشهر عندما قال إنه يعتقد أن الناتو مات سريريا، معربا عن أسفه لعدم التنسيق بين أوروبا والولايات المتحدة، وذلك في مقابلة مع مجلة "الإيكونوميست".