أخبار دولية

ترامب صاحب خط دبلوماسي خارج عن الأعراف لا يزال يبحث عن نجاحات

بين التهجم على الحلفاء والتقارب مع الأعداء ومغازلة قاعدته الانتخابية، فرض دونالد ترامب على العالم مفهومه الشخصي المغاير للأعراف للعلاقات الدولية، مهددا بالتسبب بمزيد من الاحتكاكات في وقت يسعى لتحقيق نجاحات مع اقتراب استحقاق 2020.

ويقول الخبير في معهد "هيريتاج" المحافظ نايل غاردينر إنه في عهد ترامب "خسر تنظيم الدولة الإسلامية أراضيه في العراق وسوريا" مشددا على أن "هذه نتيجة هائلة جدا"، وهو تصريح سيعتمده الملياردير الجمهوري حتما لازمة خلال حملته الانتخابية.

لكن مقتل المطلوب الاول في العالم جاء في ختام تسلسل أحداث ومواقف متقلبة وفوضوية.

فالرئيس الأميركي أثار غضب أقرب حلفائه سواء في أوروبا أو داخل الكونغرس الأميركي، مجاهرا في المقابل بتفاهمه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يلقى شجبا متزايدا من العديد من الديموقراطيات الغربية. والسبب خلف هذا الخلاف الضوء الأخضر الذي أعطته واشنطن لهجوم شنته أنقرة في شمال شرق سوريا ضد القوات الكردية التي كانت شريكة للغرب في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

وأدى قرار ترامب إلى تعزيز موقع نظام الرئيس السوري بشار الأسد وداعمه الروسي، رغم أنهما يعدان من خصوم الأميركيين.

وفي نهاية المطاف، وبعدما أعلن للمرة الثانية في أقل من عام سحب جميع القوات الأميركية من سوريا، اضطر الرئيس الأميركي إلى التراجع عن قراره المدوي، مجازفا بإضعاف مصداقيته.

وقال مسؤول أوروبي كبير مبديا استيائه إن "أزمة العلاقات مع الولايات المتحدة استثنائية، لم يعد أحد يؤمن بأي شيء كان".

والفرنسيون هم الاكثر غضبا حيال هذا الوضع، وهو ما عكسته تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون حول الحلف الأطلسي بأنه "في حال الموت الدماغي"، والتوتر القائم مع "صديقه" دونالد ترامب خلال قمة الحلف الأطلسي في مطلع ديسمبر في المملكة المتحدة.

غير أن كل هذا لا يمنع رئيس أكبر قوة في العالم من التطلع للعب دور صانع السلام.

غير أن مبادراته الدبلوماسية المخالفة أحيانا للأنماط المعروفة غالبا ما تصل إلى طريق مسدود.

وبالرغم من وعده بـ"وضع حد للحروب التي لا تنتهي"، اضطر إلى التخلي عن سحب القوات الأميركية من سوريا وكذلك من أفغانستان، حيث أوقف مفاوضات السلام مع طالبان ثم بدل موقفه ليستأنفها قريبا.

كما باشر تقاربا تاريخيا مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، لكن بعد فشل قمتهما الثانية في شباط/فبراير في هانوي تعثرت المفاوضات ولا تزال مشلولة.

وفي فنزويلا، فإن الهجوم الدبلوماسي والاقتصادي الكثيف الذي باشرته واشنطن في مطلع 2018 لطرد الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو يراوح مكانه.

أما خطة السلام الموعودة لوضع حد للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، فتبدو طي النسيان مع تضاعف المواقف الأميركية المنحازة بشكل متزايد لإسرائيل والخارجة بشكل متزايد عن الأعراف الدولية.

وخالف ترامب رأي الصقور في أوساطه نفسها، فأبدى انفتاحا كبيرا على التحاور مع القادة الإيرانيين، من غير أن يلقى استجابة من طهران. وبعد إحجامه عن توجيه ضربة عسكرية لإيران ردا على هجمات نسبت إليها في الخليج في يونيو وسبتمبر، اتهم بـ"الضعف"، وهو الذي جعل من "السلام بالقوة" عقيدته الدبلوماسية.

وبالنسبة للحروب التجارية التي شنها على وقع رسوم جمركية مشددة طاولت حتى دولا حليفة، فهي أدت في الوقت الحاضر إلى إضعاف الاقتصاد العالمي من غير أن تفرز غالبا ومغلوبا. وبعدما أشاد في ما مضى بمزايا "اتفاق كبير" مع الصين كان سيشكل أحد أبرز إنجازاته، يبدو الآن أنه يريد أن يجعل من ذلك مجددا أحد شعارات حملته لإعادة انتخابه، كما فعل عام 2016.

وقال ترامب صاحب نهج "أميركا أولا" في 3 ديسمبر "تعجبني فكرة الانتظار إلى ما بعد الانتخابات من أجل الاتفاق مع الصين".

فكل شيء اعتبارا من الآن سيقاس بميزان انتخابات نوفمبر 2020.

وقال دبلوماسي أوروبي "مشكلته الوحيدة هي أن ي نتخب لولاية جديدة".

ويبقى السؤال المطروح إلى أي حد يمكنه المضي، وهو الذي يتهمه الديموقراطيون بممارسة ضغوط على أوكرانيا للحصول على مكاسب سياسية يمكنه توظيفها في السباق إلى البيت الأبيض.

ويرى براين كاتوليس من مركز "سنتر فور أميريكان بروغرس" القريب من اليسار أنه "مع ترامب، يمكننا توقع ما لا يمكن توقعه" مضيفا "إنها رئاسة من نوع تلفزيون الواقع. حتى لو لم يحقق نجاحات كبرى، سيد عي العكس".

ويشدد الصقور الضغوط منذ الآن من أجل أن يرفع النبرة حيال كوريا الشمالية التي توعدت بـ"هدية لعيد الميلاد" مليئة بالوعيد، ما يذكر بالتوتر الشديد الذي كان قائما في بداية رئاسة ترامب.

أما مع إيران، فلفت دبلوماسي أوروبي آخر إلى أن "النافذة تنغلق" و"قدرة الرئيس ترامب على تقديم تنازلات لا تلقى تأييد وزرائه وقاعدته الجمهورية ستتراجع مع اقتراب الاقتراع".

وقد تتوقف العلاقات الدولية برمتها على نتيجة الانتخابات، ولو أن نايل غاردينير المؤيد بشدة للرئيس الجمهوري يرى أنه "من الخطأ أن يراهن القادة الأجانب على أنه لن يكون هنا بعد عام".

وفي مطلق الأحوال، سيكون بإمكان رجل الأعمال السابق الذي انتقل إلى السياسة أن يحدث صدمة جديدة في النخبة العالمية حين يستضيف في كامب ديفيد القمة المقبلة لمجموعة السبع، وسط دعواته إلى العودة إلى مجموعة الثماني. فالرئيس الأميركي لم يخف رغبته في دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مجازفا بإثارة خلاف جديد حول هذه المسألة.
p.p1 {margin: 0.0px 0.0px 0.0px 0.0px; text-align: right; font: 12.0px ‘Geeza Pro’}
span.s1 {font: 12.0px ‘Helvetica Neue’}

المصدرالدار ـ أ ف ب

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − إحدى عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى