المواطن

“الإحباط” يدفع الشباب المغربي للهجرة

الدار/ سعيد المرابط

أيوب مبروك، رياضي مغربي يبلغ من العمر 21 عاماً، وبطل لثلاث مرات في الملاكمة، مات في قارب شهر نونبر، كان يقله مع 50 شخصاً أثناء محاولتهم عبور الحدود إلى إسبانيا بصورة غير قانونية. 
وتم سحب جثته من خلال موجة إلى شاطئ لوس كانيوس دي ميكا، والتعرف عليه من قبل أحد الأصدقاء؛ بفضل صورة نشرها في اليوم التالي موقع “دياريو دي كاديز”. 
عاش مبروك في سلا، وهي مدينة يسكنها 900.000 نسمة، جنب العاصمة الرباط، وقد غادروا في رحلة الـ25 ساعة من القنيطرة. 
غرق القارب على بعد 150 متر من الساحل، وتم إنقاذ 22 شخصاً، وتكفل البحر بإخراج الجثث لعدة أيام حتى لفظ 24 منها.

ارتفاع الهجرة سنة 2018
نمت الهجرة المغربية إلى أوروبا بمعدل لم يسبق له مثيل في العامين الماضيين، حتى وصلت إلى المواطنين ذوي المستقبل الواعد نظرياً، مثل الرياضي مبروك أو طالبة القانون حياة بلقاسم، التي فقدت حياتها في شتمبر.
ويخاطرون بحياتهم في مواجهة قلة الفرص، وقد تضاعف عدد الأشخاص الذين يحملون الجنسية المغربية الذين عبروا بطريقة غير شرعية إلى إسبانيا عبر غرب المتوسط ​​، بأكثر من ستة مرات عن ما شهده العام 2017، حيث وصلوا 4704 عبور حدودي، وفقاً لبيانات فرونتكس (وكالة مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي).
وقد تم بالفعل كسر هذا الرقم على نطاق واسع في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، حيث تم تسجيل 7120 دخول غير نظامي لأروروبا.

وتشير فرونتكس إلى سببين محتملين: موجة الاحتجاجات التي يشهدها المغرب، وكثرة الزوارق ذات الشحن الأكبر التي وصلت رحلاتها حتى القنيطرة. 
ويقول خالد زروالي، مدير إدارة الهجرة ومراقبة الحدود، برتبة والي في وزارة الداخلية، لصحيفة “إِلْباييس”، أنه حتى أكتوبر اعترض المغرب في ظرف عشرة أشهر؛ 70000 “مرشح للهجرة غير النظامية”، منها ما بين “12000 و 13000 مغاربة“.
وهناك من يعتقد أن سبب هذا التلهف هو البطالة المستشرية في الشباب، وقد عبر الملك محمد السادس، عن ذلك في خطاب ألقاه في شهر غشت الماضي: “ليس من المعقول أن يكون من بين كل أربعة شبان، واحد عاطل عن العمل، على الرغم من مستوى التطور الاقتصادي الذي يعرفه المغرب بشكل عام(…) كثير من الشباب، وخاصة ذوي المؤهلات العليا والعلماء والفنيين، يفكرون في الهجرة إلى الخارج”.
وأصدرت مجموعة الألتراس المشجعة لنادي “الرجاء البيضاوي”، في شتمبر أغنية بعنوان، “في بلدي ظلموني”، تتهم فيها الحكومة، ووصلت في شهر واحد فقط، أكثر من مليون مشاهدة على موقع يوتيوب، الذين عبروا عن سلب ثروات البلد، وتدمير جيل كامل، كما رددوا.

سوق العمال يستطيع استيعاب الشباب 

ويشير خبير اقتصادي أوروبي طلب عدم ذكر اسمه إلى أن “نمو البلاد لا يستطيع استيعاب عمل الشباب الذي يأتي إلى سوق العمل”، فقد بلغ معدل البطالة 9،6 ٪ في العام 2008، ويستمر الآن إلى 10 ٪، ومع ذلك، ارتفعت نسبة البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة من 18،3٪ إلى 27،5٪ في نفس الفترة، وفي المدن الكبيرة، تصل هذه النسبة إلى 45٪.
بالإضافة إلى ذلك، كشف استطلاع نشرته جريدة “L'Economiste” المغربية في 14 نونبر، أن ستة من كل عشرة مغاربة، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة؛ على استعداد لمغادرة البلاد بمجرد ظهور فرصة. 
وكشفت دراسة أخرى أجرتها الصحيفة نفسها قبل أيام عن استعداد ثلاثة من كل أربعة من علماء الكمبيوتر المغاربة للهجرة إلى الخارج.
فنان مغربي، فضل عدم ذكر اسمه، ذكر لذات الصحيفة أن الأسباب التي دفعته لترك المغرب: “كان لدي نفس الشعور بالاختناق في التسعينات زمن الحسن الثاني، عندما كنت صغيرا، صحيح أن الناس الآن لا يموتون من الجوع، ففي الأسواق، يتم طرح الطماطم في نهاية اليوم، لكن الأمر لا يتعلق بالمجاعة، بل عدم وجود آفاق”.

شعارات تؤيد الهجرة

يعتقد المؤرخ والسوسيولوجي والخبير الاقتصادي، محمد الناجي، أن الرغبة في المغادرة تعود لأسباب اقتصادية هي موجودة دائماً، “لكن الآن يبدو الأمر كما لو أن الشباب محاصرون بجدار، إنهم لا يرون الأمل، يقولون إنهم يريدون الفرار من “هذا الجحيم”.
ويضيف أنه في المغرب، هناك شعور وطني قوي للغاية، ومع ذلك، فهذه هي “المرة الأولى التي يتم فيها سماع الشعارات ترفع مؤيدة الهجرة”.
وكشف استطلاع “L'Economiste”، على وجه التحديد، أن النساء هن الأكثر عزمًا على المغادرة، بنسبة خمسة من أصل عشرة سيغادرن بمجرد وصول الفرصة، مقارنة مع 31 ٪ من الرجال. 
يقول الباحث الاجتماعي جان زاغانياريس، الأستاذ في كلية القانون والاقتصاد في الرباط ، إلى أن هذه هي البيانات التي فاجأته أكثر في المسح.
ويؤكد على وجود مسافة كبيرة بين الرغبة في المغادرة واتخاذ إجراء المغادرة، وحول الأسباب المحتملة وراء رغبة الشباب في الرحيل، يشير زاغانياريس إلى: “إنهم يخاطرون بحياتهم لأنهم يشعرون أن هناك شيئًا يمنعهم من المضي قدمًا، هم يدركون أن هناك فراغاً اجتماعية سيملؤونه بالفعل، أن تترعرع في حي في مدينة كبيرة في المغرب، حيث تعلم أن 90٪ من البالغين لا يعملون أو أنهم يحصلون على رواتب ضئيلة للغاية، فإنك تشعر بالرغبة في تجربة حظك في مكان آخر.

لماذا النساء هن اللواتي يفضلن الهجرة؟
ستيفاني ويلمان، مؤسس منظمة غير الحكومية في الرباط من أجل الحقوق الإجتماعية، لا يستغرب أن خمسة من أصل عشرة نساء مغربيات يعترفن بمغادرة البلاد عندما يحصلن على فرصة، مقابل 31٪ من الرجال. 

ويقول: “السؤال الذي يجب أن نسأل أنفسنا هو لماذا تريد بعض النسوة البقاء في بلد لا يمتثل لهن اجتماعياً، هنا لا تملك المرأة حرية التمتع بحبها، وتحظر العلاقات خارج الزواج، انهن يعانين من المضايقات المستمرة في الشوارع؛ على الرغم من كونهم أكثر تعليما من العديد من الرجال، ثم إن هناك الكثير من الاستثمار الموجه إلى تكوين النساء، فإنهم يعانين من البطالة أكثر من الرجال”.
وتضيف سعيدة كوزي، من المنظمة نفسها: “يتم تعليم النساء بنفس الحقوق التي يتمتع بها الطفل حتى يبلغ عمره 10 أو 12 عامًا، ثم يقال لهن: "لن تكن قادرات على فعل نفس الشيء مثل الرجال”، والحقيقة هي أنهن لا يفعلن الشيء نفسه، بل أكثر بكثير منهم. واليوم، تقوم معظم المنازل على عمل وجهد المرأة، حيث أنهن يعتنين بأزواجهن وأطفالهن”.
وتشرح كوزي، أن عدم المساواة بين الجنسين واضح بشكل جلي في شهر رمضان، “تذهب المرأة إلى العمل مبكرا جدا، بينما يُسمح للرجل في تلك الأيام بالوصول متأخرا إلى العمل، إذا كان لديه عمل، إن لم يكن كذلك، فإنه يبقى نائماً في المنزل، لتعود المرأة إلى البيت بعد العمل وتضطر إلى إعداد طعام الإفطار، وبعد تناول الطعام، يذهب الرجل إلى المقهى وتظل المرأة تغسل وتجهز وجبة السحور”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة − ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى