الدين والحياة

عبادي وسفير الفاتيكان يبرزان دور الريادة النسائية في محاربة التطرف

الدار/ خاص المحجوب داسع

التئمت "قيادات نسائية" من المغرب، ومن بلدان أوربية وافريقية، صباح اليوم الثلاثاء بمقر الرابطة المحمدية للعلماء بالرباط، في إطار أشغال ندوة دولية حول "التطرف العنيف النسائي والقيادة النسائية في بناء السلم: تعزيز المكتسبات والقيادة النسائية من أجل السلام"، التي ينظمها مركز "تعارف" "التكوين في العلاقات بين الأديان وبناء السلم"، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، بدعم من الحكومة البريطانية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، مكتب المغرب.

وفي كلمة افتتاحية لأشغال هذه الندوة، أكد الدكتور، أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أن هذه الندوة الدولية لقاء عملي لتقاسم نتائج الدراسة، التي تم العكوف عليها، والتي تهم إشكالية حارقة تتعلق بالتطرف العنيف، وما ينجم عنه من إشكاليات كبرى بصيغة المؤنث أو ما يسمى بـ"التطرف النسائي".

واعتبر الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أن " البحث الميداني، الذي أشرف عليه مركز "التكوين في العلاقات بين الأديان وبناء السلم"، تمخضت عنه ثلاث خلاصات أساسية: أولها أن التطرف ليس واقعا ميدانيا، وانما واقع معيش يتقاطع فيه الجانب الوجداني، الذهني، التواصلي، النفسي، و المضموني، وهي عوامل، يردف الدكتور عبادي، تتمازج وتتضافر فيما بينها، لتولد لنا هذه "الجاذبيات" السالبة والمدمرة التي تمكن حملة خطاب التطرف العنيف من القيام بجملة من الاستقطابات في صفوف الشباب، والنساء.

الخلاصة المهمة الثانية، يضيف الدكتور أحمد عبادي، هي أن النتائج والمخرجات التي تمخضت عن هذا البحث الميداني، ستمكن من بلورة استراتيجيات وخطط التي يتعين الأخذ بها لمواجهة ظاهرة التطرف النسائي، كما ان الاشتباك مع ظاهرة التطرف الديني بصيغة المؤنث، ينبغي أن يكون متعدد الأبعاد للتعامل مع هذه الجاذبيات المغناطيسية السالبة في مقابل الظواهر التي تعتبر بمثابة "الخميرة" الممهدة للاستقطاب".

وشدد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، في استجلائه للخلاصة الثالثة لهذا البحث الميداني، على ضرورة الانتقال من الوقاية والتحصين، الى التمنيع على المستوى الوجداني، والاجتماعي، من خلال بناء "جهاز مناعاتي" يمكن من رفض ومقاومة مختلف أضرب الانحراف والتطرف، مؤكدا أن " الحديث عن التمنيع انما هو حديث عن بناء ملكات "الحس النقدي، والفكر التحليلي، و قدرات شخصية على اتخاذ المواقف والقرارات في اللحظات المناسبة، مع ضرورة الكف عن النظر الى المجتمعات كـ"تكتلات" بل كمكونات تضم  فئات اجتماعية مختلفة لها انتظاراتها وحاجياتها المختلفة أيضا".

وأوضح الدكتور عبادي، أن " الحديث عن التطرف النسائي أو التطرف بـ"صيغة المؤنث" انما هو حديث عن "اهتداء وظيفي" وعملي، لأنه نظر حصيف الى الخيط الناظم للمجتمعات في كل مناحيها بقوة والتزام"، مبرزا أن الحديث عن الريادة النسائية في محاربة التطرف الديني وتعزيز السلم، هو حديث عن المرأة المسؤولة عن الأسرة، التي يتعين عليها استشعار الداء قبل أن تظهر معالمه ويتمكن في الجسم، كما أن المرأة الباحثة لابد لها من العكوف على تجلية المضامين المتزنة والخطابات البديلة لخطابات الكراهية والتطرف، فضلا عن ضرورة التكامل بين الرجل والمرأة في مجال محاربة التطرف العنيف والإرهاب، بنفس مستدام.

من جانبها، تطرقت عائشة حدو، رئيسة مركز "البحث والتكوين في العلاقات بين الأديان وبناء السلم"، لعمل المركز في مجال البحث والتكوين في المسائل العقائدية وترسيخ السلام، واشراك النساء في محاربة التطرف والعنف من خلال برنامج "الريادة النسائية"، الذي يشتغل عليه المركز"، مؤكدة أن " المركز راكم خبرة، سواء على المستوى الوطني أو الدولي من خلال تبادل الخبرات والتجارب الفضلى ومد جسور الحوار مع الغير، وعقد لقاءات مع باحثات وباحثين في مجالات السلم والحقل الديني وحوار الأديان".

وأشارت الى أن " أهمية البحث الميداني، الذي تم تقديم مخرجاته ونتائجه، تكمن في كونه تم بإشراف خبرات مختلفة، ومتعددة المشارب،  ستسهم في اثراء العمل، فضلا عن أهمية النتائج التي تمخضت عنه في مجال التطرف النسائي وكذا جهود مختلف المؤسسات الوطنية، والمجتمع المدني في مجال التصدي للتطرف والإرهاب.

من جهته، أشادأيمن السعيدي، الذي ناب عن السيدة ليلى رحيوي، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب العربي )شريك في المشروع(، بالشراكة التي تجمع الهيئة بالرابطة المحمدية للعلماء في مجال تعزيز مقاربة النوع الاجتماعي، والمساواة بين الجنسين، وكذا  محاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي".

وأكد أن " ادماج مقاربة النوع الاجتماعي في محاربة التطرف العنيف، خصوصا النسائي، سيسهم في بناء السلم ومحاربة خطابات الكراهية والتطرف، متطرقا الى المقررات الأممية التي تحث على دور المرأة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ومن بينها إحلال السلم والأمن في العالم.

من جانبها، أبرزت آسية بنصالح العلوي، السفيرة المتجولة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الدور الكبير للرابطة المحمدية للعلماء في تعزيز الريادة النسائية، واشراك النساء في معالجة بعض الظواهر المجتمعية المؤرقة، وعلى رأسها التطرف العنيف.

واعتبرت أن " الحديث عن التطرف بصيغة المؤنث، انما هو حديث عن النساء كـ"ضحايا للعنف" وانعدام الأمن، مشددة على أهمية التربية المتميزة،  وذا جودة في التمكين المجتمعي للنساء، لمواجهة مختلف أضرب العنف والاقصاء المجتمعي، وتأهليهن للعب أدوارهن كاملة في الوساطة، وعلى أهمية الاهتمام بتعليم الفتاة، على اعتبار أن محاربة التطرف النسائي، لابد أن ينطلق من التعليم والتربية من أجل المزيد من الديمقراطية والفعالية".

سفير الفاتيكان بالمغرب، السيد، فيتو رالو، أشاد بالدور الذي تلعبه المملكة المغربية تحت القيادة النيرة لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، مشيرا الى أن " الموقع الاستراتيجي للمملكة، مكنه من لعب دور محوري في تعزيز الحوار بين الديانات بحكم غنى التنوع الديني والثقافي الذي ترفل فيه المملكة المغربية والذي يتجسد في تجليات مختلفة".

وكشف السيد رالو فيتو،  أن حاضرة الفاتيكان ستنظم خلال شهر ماي المقبل، مؤتمرا بالعاصمة الإيطالية روما حول الحوار بين الأديان، والذي من المنتظر أن تشارك فيه مؤسسات مغربية على رأسها الرابطة المحمدية للعلماء.

وتميزت أشغال هذه الندوة الدولية، بتقديم نتائج ومخرجات البحث الميداني، الذي أشرف عليه مركز "التكوين والبحث في العلاقات بين الأديان وبناء السلم"، كما ستتخلل الندوة مداخلات وشهادات ميدانية، تهم "تعزيز اللاعنف: خبرة عالمة لاهوتية مسيحية فلسطينية، القيادة النسائية، السلام والأمن: تجربة مجموعة الدول الخمس، واستعراض تجربة النساء المغربيات كفاعلات في المجال الديني بالمغرب"، فضلا عن استعراض بعض التجارب الافريقية الفضلى في مجال فض النزاعات،  وتحليل النوع الاجتماعي للتطرف، من خلال تجربة بوركينافصو، ومالي، وغرب افريقيا.

وترم هذه الندوة جمع الباحثين من خبراء ذوي الصلة المختصين في القيادة النسائية من أجل السلام، وانشاء ديناميكية للاستفادة من الخبرات وتعزيز مهارات النساء بخصوص الممارسات الفضلى والمنهجيات المبتكرة من حيث البيداغوجيا الدينية، بين الديانات وغير العنيفة للوقاية من الأزمات.

 
زر الذهاب إلى الأعلى