الحراك الشعبي في الجزائر يعد بمواصلة التظاهرات
خرج آلاف المتظاهرين في المسيرة الأسبوعية ليوم الجمعة التاسع والأربعين على التوالي بالجزائر العاصمة، في حراك شعبي مستمر رغم تراجع أعداده أمام سلطة تعلن انها تريد الحوار.
وتحت شعار “لن نتوقف إما نحن وإما أنتم” سار المتظاهرون في أهم شوارع العاصمة، وسط شاحنات الشرطة، بحسب مراسل وكالة فرنس برس.
وكذلك ردّدوا الشعار الأكثر شعبية منذ بداية الحراك في 22 فبراير “دولة مدنية وليس عسكرية”.
واعتبرت ريما (28 عاما) وهي أستاذة في الابتدائي، ان “الرئيس لم يقدم إجراءات التهدئة التي وعد بها فما زلنا ننتظر الافراج عن المعتقلين وتحرير الصحافة وان تتركنا الشرطة نتظاهر كما نشاء”.
وبحسب منسق اللجنة الوطنية للافراج عن المعتقلين، قاسي تانساوت فإن 124 معارضا ما زالوا في السجن بينما تم الافراج عن 94 خلال الاسابيع الماضية، كما صرح لوكالة فرنس برس.
وبين المطالب الجديدة التي ظهرت في حراك الجمعة الـ49 التوقف عن استغلال الغاز الصخري بالصحراء، متهمين فرنسا بالطمع في هذه الثروة.
وتم ترديد شعار “لا حوار لا هدرا(كلام) هؤلاء يريدون بيع الصحراء” كما رفع متظاهرون لافتات ضد استغلال الغاز الصخري.
ومع اقتراب الذكرى الأولى للحراك، لا تزال التعبئة كبيرة لكنها تراجعت مقارنةً بالمسيرات الحاشدة في شتاء وربيع 2019 أو حتى بالمقارنة مع فترة الحملة الانتخابية الرئاسية في 12 ديسمبر، التي قاطعتها المعارضة على نطاق واسع.
ومع ذلك، يظل من المستحيل تحديد عدد المتظاهرين بدقة في غياب أي إحصاءات رسمية.
وقال الموظف حميد (32 عاما) “الحراك في تراجع، لكن في الواقع العدد لا يهم. منذ عام لم يكن عددنا كبيراً لكننا منعنا الولاية الخامسة (الرئاسية) لبو تفليقة”.
واضطر الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة تحت الضغط الشعبي في أبريل الماضي بعد محاولته الترشح لولاية جديدة.
وأوضح حميد “منذ سنة، لم يكن أحد يعتقد أن الجزائريين يمكنهم التظاهر في العاصمة وبفضل الحراك انتزعنا هذا الحق وسنستمر حتى انتهاء النظام”.
وبعد نحو ثلاث ساعات من التظاهر تفرقت المسيرة بهدوء في العاصمة. وشهدت عدة مناطق أخرى مسيرات مماثلة كما في قسنطينة وبرج بوعريريج وسكيكدة شرق البلاد ووهران وتلمسان وسيدي بلعباس بالغرب وكذلك بسكرة جنوبا، بحسب صور نشرها مدونون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
و يواصل المعارضون المطالبة بتفكيك “النظام” ورحيل رموزه، الحاكم منذ استقلال البلاد في عام 1962.
لكن الكثيرين يتساءلون عن الاتجاه الذي ينبغي أن تتخذه الحركة الاحتجاجية الجديدة التعددية والسلمية اليوم منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون، وبدء عمل حكومته.
ورداً على الحراك، وعد تبون الذي سبق وعمل مع بوتفليقة، بمراجعة الدستور وشكل لجنة خبراء لهذا الغرض.
وبدأ الرئيس الجزائري، الذي يحاول أن لا يدخل في مواجهة مع الحراك، في الأيام الأخيرة مشاورات مع شخصيات سياسية لتحضير “دستور توافقي”، وستعرض المسودة على استفتاء شعبي.
وقال تبون “سيتم أخذ كل الآراء في الاعتبار فيما يتعلق بالمنهجية الواجب اتباعها، وأيضًا المشكلات التي تعاني منها البلاد”.
وفي مقابل ذلك، تجتمع السبت في العاصمة قوى سياسية ممثلة في “البديل الديمقراطي” الذي يضم أحزابا سياسية وجمعيات وممثلي المجتمع المدني، من أجل الإعداد “لمؤتمر وطني” واقتراح حلول بديلة.
ومؤخرا أثار مقال للكاتب كمال داود حول “فشل الحراك” تحدث فيه عن “ثورة ضائعة”، موجة من ردود الافعال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وحتى الباحث الاجتماعي والاستاذ الجامعي الهواري عدي صاحب عدة دراسات، اعتبر ان كمال داود يبرر “مسبقا القمع الذي سيقع على المتظاهرين” من خلال تأكيده أن “الحراك فشل”.
المصدر: الدار ـ أ ف ب