أخبار الدار

ربورطاج: نفق تيشكا.. حلم سكان الجنوب الشرقي الذي تبخر

الدار/ هيام بحراوي

بعدما خرج مشروع القطار الفائق السرعة، الذي يربط بين الدار البيضاء وطنجة للوجود، رغم تكلفته الباهظة، فتح جمعويون بالجنوب الشرقي النقاش من جديد حول إمكانية إنجاز نفق "تيشكا" بورزازات الذي كان بمثابة حلم تبخر، بعدما ظل مشروع النفق، حبيس الرفوف لسنوات، خاصة وأن تكلفة المشروع منخفضة حسب قولهم بالمقارنة مع مشروع "البراق".

ومازال إنجاز مشروع نفق تيشكا بورزازات، حلما يراود سكان الجنوب الشرقي ، بالنظر إلى الإيجابيات الكثيرة التي ستتحقق في حال رأى النفق النور، أهمها فك العزلة عن الجنوب الشرقي ، وإنعاش اقتصاده وسياحته ، وتقليص مسافة تنقل الشاحنات والسيارات التي تقطع الكيلومترات يوميا بين مراكش وورزازات.

هشاشة و اضطراب حركة السير

تعد طريق "تيزي نتيشكا" بورزازات، من أكثر الطرق خطورة بالنظر إلى تضاريسها الوعرة، التي تقوم وزارة التجهيز والنقل  منذ سنوات بتهيئتها، غير أنه رغم الأشغال والإصلاح تعرف هذه الطريق وخاصة الطريق الوطنية رقم 9  ، فإنها تعرف بحسب مصادر من المنطقة ، احتشادا دائما للسيارات والشاحنات الكبيرة خاصة خلال فترة الأمطار ، فلا تستطيع المرور، ليظل المواطنين عاليقين بالساعات

ويلقب السكان هذه الطريق بممر "الموت" بسبب ازدياد حجم التشققات وعملية التعرية وقوة الانحدارات التي تتسبب فيها انزلاقات للتربة، جعلت الممر مليئا بالحفر والتشققات التي تعكف الوزارة على تقوية جوانبه بالأسلاك والحواجز لمنع تساقط الأحجار الكبيرة وتقوية الأساسات خاصة النقطتين الكيلومتريتين اللتين ظهرت بهما التصدعات على طول 120 و100 متر ، واللتان تعرفان بكونهما منطقتين غير مستقرتين نتيجة انزلاقات أرضية طبيعية، وكانتا تعرفان تصدعات قبل إنجاز الأشغال. 

سعيد الصادق، برلماني عن حزب العدالة والتنمية ، قال في تصريح لموقع "الدار" بأن السكان الآن يأملون فقط بإصلاح الطريق رقم  9 ، بين مرتفع تيشكا ومركز إمرزكان، فبعد وفاة المقاول الأول الذي رست عليه الصفقة، وقع إشكال بين الورثة  وتوقفت الأشغال، و وزارة  النقل أخذت قرارا، بإعمال مسطرة إلغاء الصفقة، والآن هناك مقاول جديد يعمل على إعادة هذه الطريق التي كانت تعرقل حركة السير، أما بخصوص النفق، فقال بأن مطلب النفق، مطلب كبير، يحتاج لقرار سيادي بالنظر لتكلفة المشروع الباهظة.

 فوزارة النقل تبذل مجهودا لإخراجه للوجود وهناك وعود قدمت للبرلمانيين عن المنطقة، بأن المشروع سيرى النور قريبا، بعد القيام بدراسات حول المكان الذي سينجز فيه المشروع ، هل  ما بين اغرم وتادارات أو تيدلي وأوريكا ؟

وأشار أن مشكلة النفق ، تتجلى أساسا في مشكل تمويله وفي الشروط التي يفرضها المستثمرين على الوزارة وهي الشروط التي وصفها المصدر ذاته بـ"التعجيزية".

حلم الساكنة المنشود

ساهمت حادثة السير المؤلمة، التي وقعت في الرابع من شتنبر 2012، في فتح النقاش بين جمعيات المنطقة والسكان والبرلمانيين أيضا، حول إمكانية انجاز نفق تيشكا ،الذي سيحد من حوادث السير وسيفتح للجنوب الشرقي ولمدينة ورزازات، على وجه الخصوص أفاقا كثيرة، تتجلى في انتعاشها ورفع الحصار والعزلة الاقتصادية، التي يعيشها سكانها بحسب فاعلين جمعويين بالمنطقة.

كاد حلم الساكنة أن يصبح حقيقة ، بعدما بدأت وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك، إلى تحيين الدراسات المتعلقة بالمشروع ،غير أن وزير التجهيز آنذاك، اعتبر أن تكلفة المشروع باهظة لا يمكن انجازه بميزانية محدودة. ومن ذلك الوقت ، ظل حلم النفق يراود السكان في نومهم فقط أما واقعهم شيء آخر، واقع تتجلى فيه المعاناة اليومية مع النقل وطول المدة وسباق الزمن من أجل الوصول بسلام.

مصادر من المنطقة شرحت كيف أن هذا المشروع يستغله المترشحون في الانتخابات بالدعاية له في حملاتهم الانتخابية في كل مناسبة ، غير مكترثين بمعاناة الساكنة الحقيقية التي تتمثل في حصار شديد فترة التساقطات الثلجية ، عندما تنقطع كل الطرق والسبل في وجه الساكنة ويصبح انتقالهم من مدينة إلى أخرى مستحيلا، فضلا عن أن الطريق التي يستعملونها  تضيف، تحصد كل سنة مزيدا من الأرواح تذكرهم بحادثة شتنبر 2012 التي راح ضحيتها 44 شخصا، وكل ذلك دون أن يحرك المسؤولون ساكنا ، فطريق "تيزي نتيشكا" بمنعرجاتها الخطيرة ومنحدراتها أصبحت بحسب ذات المصادر، تخيف الزوار الذين أضحوا يتخوفون ويرفضون فكرة الانتقال إلى مدينة ورزازات بسبب وعورة التضاريس المؤدية إليها .

مطالب الجمعويين

قام الجمعويون بالجنوب الشرقي  وبسبب المشاكل التي تعرفها طريق " تيشكا"، من إنقطاع وانهيارات صخرية بسبب انجراف التربة، بتنظيم عدة لقاءات مع المسؤولين ورفع عدة مراسلات للجهات المعنية ، من أجل إخراج هذا المشروع للوجود، وقد أوضح فاعل جمعوي لموقع "الدار" أنه من  الضروري إخراج مشروع نفق "تيشكا" إلى الوجود بعدما ظل حبيس الرفوف لمدة تجاوزت العشر سنوات ، وذلك لإنقاذ أرواح المواطنين الذين يكونون في كثير من المرات ضحايا لحوادث سير خطيرة تقع بطريق "تيزي نتيشكا".

وأوضح المتحدث، بأن فعاليات المجتمع المدني التي من ضمنها جمعيات تنتمي إلى مدن تنغير وزاكورة وطاطا ، نوهت بأهمية هذا النفق السوسيو اقتصادي ومساهمته الفعالة في فك العزلة عن الساكنة، مشيرا أنها قامت بعدة مراسلات لقبة البرلمان وللمجلس الإقليمي بورزازات ولوزارة التجهيز والنقل من أجل حث كل الأطراف المتدخلة بالإسراع بإخراج هذا المشروع إلى الوجود حتى لا يبقى مجرد حلم يراود أبناء المنطقة.

فالمجتمع المدني في الجنوب الشرقي سبق ونظم عدة أنشطة للترافع عن المشروع  كان أهمها اليوم الدراسي الذي نظمته  الأنسجة الجمعوية والمجلس البلدي لمدينة ورزازات واللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وذلك في القصر البلدي بورزازات ، في الثاني والعشرون من شتنبر 2012 بعد  حادثة السير التي اهتز لها الرأي العام الوطني و أودت بحياة 47 شخصا .

والذي أوضح فيه ممثل وزارة التجهيز ، في عرضه أمام المشاركين أن التكلفة الإجمالية لإنجاز مشروع النفق على طول 10 كلم تقدر ب 10 ملايير درهم، في حين بلغت تكلفة الدراسات التفصيلية حوالي 15 مليون درهم .

وأشار إلى أن دراسة الجدوى التقنية انتهت سنة 1996، ودراسة الجدوى الاقتصادية انتهت سنة 1998، والدراسة التمهيدية انتهت في يناير 2012، ويتكون المشروع من تشييد نفق على طول 10 كلم، وبناء مداخل النفق، وتهيئة حوالي 96 كلم من الطرق المؤدية للنفق، وبناء حوالي 12 كلم من الطرق الجديدة، وبناء جسور ومنشئات فنية.

وطالب الجمعويون خلال اللقاء، بفك العزلة ورفع التهميش عن أقاليم الجنوب الشرقي خاصة أقاليم:ورزازات، زاكورة، تنغير، الراشيدية وطاطا.

فك العزلة والحصار

بحسب البرلماني سعيد الصادق، فإن المشروع سيفك العزلة عن الجنوب الشرقي، وسيقلص مدة النقل بين مراكش وورزازات، كما سيخفض من تكلفة الوقود بالنسبة للشاحنات والسيارات، وسيصبح التنقل بين مراكش وورزازات مجرد دقائق بعدما كان بالساعات زيادة على ان السياح الذين يزرون مراكش يستطيعون المبيت في ورزازات في حال تم احداث النفق. وقال ان أهمية نفق تيشكا لا تنحصر فقط في الولوج و الربط بين مدينتي ورزازات ومراكش وإنما المشروع له بعد اقتصادي وسياسي واجتماعي.  وان فك العزلة عنها سيشجع على الاستثمار لتوفير فضاء يشجع على التنافسية الاقتصادية وهذه هي أهمية سهولة الولوجيات الى المناطق سواء كانت هذه الولوجيات برية أم جوية وفي غيابها يتراجع المستثمرون عن إقامة مشاريعهم  في مناطق معزولة.

رفع التهميش والعزلة عن 2 مليون نسمة من سكان الجهة أصبح مطلبا ملحا ، بحسب الجمعويين والبرلمانيين الذي يمثلون المنطقة في قبة البرلمان، وذلك لتحقيق نوع من التوازن المجالي والعدالة الاجتماعية والثقافية بين مختلف مكونات التراب الوطني، لكون الممرات الطرقية المتواجدة بمنطقة "تيشكا" تعود إلى مرحلة الاستعمار الذي شيدها عن طريق اللجوء إلى "السخرة"، وبقيت هذه الطريق على حالها تحصد الأرواح كل سنة، وكانت السلطات الاستعمارية قد شرعت في بناء النفق قبل أن تتراجع عن المشروع، ولذلك طالب المتدخلون إلى استثمار الأرشيف الفرنسي والدراسات المنجزة لإغناء بنك المعلومات حول المشروع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى