أخبار الدار

آيت الجيد بنعيسى.. ومأزق إخوان حامي الدين

تبدو حكومةُ العدالةِ والتنمية متناقضةً مع ذاتها، حائرةً في متاهةٍ لا تنتهي إلا لتبدأْ. بين كونها حكومةً تحكمُ تارةً، وحزباً يعارض قوانين الحكمِ، وأعرافَ تسييرِ البلادِ تارةً أخرى.

فمن سخريةِ الأقدارِ، أن شبهةَ تورطِ حامي الدين، في قضية مقتل الطالب اليساري، آيت الجيد بنعيسى سنة 1993 بمدينة فاس؛ ظلت خبيئةَ الزمنِ الدوار، وغلاغلِ ذاكرةِ رفاق القتيل، تنتظر حتى يصعد إخوان الأمس إلى سدة الحكم، لتضعهم في امتحان عصيبٍ وموقفٍ محرج.

حصة الأسد من حمرة الخجل المفترض، كانت من نصيب رجلٍ، أزاح عنه عباءة المحامي السابق، وهشم ميزان عدل الوزير السابق أيضا، وخرج عن لباقة الحقوقي الأول في المملكة، ضاربا كل هذا وذلك عرض الحائط “كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا”.

وهكذا من حيث يدري ولا يدري.. خانت الظروف مصطفى الرميد، فظهر كأنه يقول وينسى، في تجلي واضح لـ“ازدواجية الفكر”.

لكأن الرجل شخصية “أورويليّة”، موظف في “وزارة الحقيقة”ومسؤول عن الدعاية ومراجعة التاريخ، وعمله هو تغيير الحقائق التاريخية، بحيث تتفق مع ما يعلنه الحزب على الدوام.

وإذا كانت عائلة بنعيسى، تصر على المطالبةِ بدم ابنها المغتال، فإنها تؤكد، أن حقها مفرغٌ من أي تسييس، متشبثة بمواطنة حامي الدين، لا صفته الحزبية والبرلمانية.

غير أن حزب العدالة والتنمية، قد أعلنها حرباً على مؤسسة القضاء، وهنا تقول البديهة أن وراء الأكمة ما ورائها.. وأن وشائج الحزب أقوى من نوازع السياسة.

لكن آيت الجيد بنعيسى، ذلك الطالب ذو التوجه اليساري، الذي كان غريماً وخصماً، للإسلاميين في الفضاء الجامعي، سواءٌ أكان حامي الدين

بريئاً من دمهِ أم مداناً، (فـذلك مرده للقضاء فهو صاحب الكلمة الفصل)، بعد ربع قرنٍ من الزمن، قد حاصر إخوان حامي الدين، سياسياً وأخلاقياً ودينياً، وأسقط عنهم آخر أوراق التوت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى