طلحة جبريل
أواصل الحديث عن “محمد خيا” بائع الصحف الذي كان يبيع الصحف ليلا في شارع محمد الخامس بالرباط ، والذي توارى عن الأنظار. كان محمد خيا يدخن بشراهة يمص لفائف التبغ مصاً طوال الليل حتى لتخال فمه مرمدة سجائر. يأتي أحدهم ويسأل عن مبيعات الصحيفة التي يعمل بها أو تلك التي له علاقة بها. كان يجامل الجميع حتى ولو لم تكن الصحيفة تبيع نسخة واحدة فإنه يقول لصاحبها «صحيفة ممتازة عليها اقبال». في بعض الأحيان يزيد المجاملة جرعات فيضطر للاختلاق «صحيفة هائلة عليها إقبال بعت الدفعة الأولى وما تراه هو الدفعة الثانية».
عندما نسأله لماذا تختلق يا سي محمد يرد «هل تريدني أن أقول له إن صحيفته لا تبيع ولو نسخة واحدة سيصاب بصدمة» هكذا يعتقد خيا.
لكن خيا إذا أعجبته صحيفة يقول لك اشتر هذه الصحيفة «صحيفة معقولة» هكذا يقول. كما أنه يرتبط بعلاقة مودة مع بعض الصحافيين لذلك يقول لك «فلان كتب موضوعاً جيداً اليوم عليك أن تقرأه». يعرف خيا معظم الصحافيين. الصحافيون أيضاً يعرفونه لذلك ينفحونه أحيانا أزيد من المبلغ المطلوب. لكن بعضهم يشترون منه على أساس التسديد لاحقاً. ثمة صحافيون مفلسون في كل مكان. من قال إن هناك صحافيين أغنياء.
محمد خيا رب أسرة له خمسة أبناء أصغرهم إبراهيم الذي يساعده أحياناً في بيع الصحف ليلاً رغم أنه يذهب للمدرسة نهاراً. يقطن مع أسرته في حي «يعقوب المنصور» جنوب الرباط.
غدا أختم هذه السلسلة بالحديث عن كيف أضاع “محمد خيا” فرصة العمر عندما التقى الملك الحسن الثاني.