مضيان: العثماني “سد على راسو”.. ولا شيء يجمعنا بـ”البام” (2/2)
الدار/ حاورته: مريم بوتوراوت- تصوير: منير الخالفي
وجه نور الدين مضيان، القيادي في صفوف حزب الاستقلال انتقادات لاذعة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني وسياسات حكومته، معتبرا أنها "فاشلة" في عدة مجالات، ولم "تقدم أي إضافة للمغاربة".
- خروجكم للمعارضة لم يتم غلا بعد شهور من بداية الولاية التشريعية، هل سبب ذلك "خذلان" حزب العدالة والتنمية لكم، بحكم أنه كان يروج أن الاستقلال سيكون في الحكومة؟
نحن عرفنا كيف دخلنا للحكومة الأولى لعبد الإله بنكيران، وبعد سنتين تغيرت قيادة الحزب بتولي حميد شباط للأمانة العامة، وبعد شهور قليلة من توليه الأمانة العامة تم عقد المجلس الوطني في ظروف معينة وتقرر الانسحاب من هذه الحكومة، ودون أن أدخل في تفاصيل الخروج، فنحن نعتبر أنه كان خطأ، لأن حزب الاستقلال لا يمكن ان يخرج من حكومة تعاقدنا فيها سويا على البرنامج المؤسس لها أمام العب أمام البرلمان.
على أي، حزب الاستقلال بعد خروجه ظل وفيا كذلك لقرارات مؤسساته فالخروج من الحكومة بطبيعة الحال كان بقرار للمجلس الوطني، ولكن المجلس الوطني هو الذي يقرر الصيغة النهائية لممارسة المعارضة، فهو الذي قرر مساندة الحكومة من أي موقع كان فيه الحزب، سواء كنا في الأغلبية أو المعارضة، رغم انسحابنا سنة 2013 فقرار المجلس الوطني كان ساري المفعول، بمعنى لا يمكن مراجعة هذا القرار إلا بانعقاد المجلس الوطني ومراجعة القرار ونسخه، الذي تم في الدورة السابقة، التي قررت مساندة العمل الحكومي في عهد عبد الإله بنكيران.
بعد ذلك جاءت حكومة أخرى، بعد سنة من البلوكاج، بوجه آخر هو سعد الدين العثماني، إذن بدأت الحكومة تشتغل، وحزب الاستقلال لم يكن مؤيدا ولكنه يمتنع ولا يصوت بالرفض، والامتناع هي معارضة مرنة لتسهيل المسؤولية على الحكومة، ولكن أبانت الظروف بأن الحكومة لم تقدم أي إضافة خلال هذه المدة، وكانت هناك مشاكل بالجملة وحرب أهلية داخلية بين مكوناتها، سب وقذف وتبادل للاتهامات والقدرة الشرائية للمواطنين في تدني، والأجور لم تتحرك…فليس من المنطقي أن نستمر نحن كحزب وطني في مساندة حكومة لم تقدم أي إضافة ولم تنسجم ولم تنزل البرنامج الحكومي الذي من اجله تعاقدت مع الشعب المغربي أمام البرلمان.
إذن كانت هناك أخطاء بالجملة، وانغلاق ، فالسيد سعد الدين العثماني بخلاف الحكومات السابقة "سد على نفسو" ولا يتواصل، في الوقت الذي كان من المفترض أن ينفتح على باقي الفرقاء السياسيين من أجل التشاور حول الملفات المختلفة، ولكنه لم يفعل بل أكثر من ذلك بالنسبة لبعض المواضيع يجتمع بالأغلبية ولا يستدعي المعارضة التي تؤيده، إذن بطبيعة الحال كان علينا أن نراجع قرارنا أي الانتقال إلى المعارضة الحقيقية المستقلة، أن نمارس دورنا، لأننا لم نشترك في الحكومة ولم نشرك في صياغة البرنامج، إذن ليس من المنطقي أن نظل مساندين لحكومة نحن خارجها.
وحزب الاستقلال لم يكن هدفه أن يشرك في الحكومة، وهو لا يشرفه ان يكون فاعلا في حكومة كلها مشاكل، ولم تجب على انتظارات الشعب المغربي، وحزب الاستقلال لا يلعب الاشواط الإضافية ولا يدخل من النافذة، إما أن يشارك في الحكومة منذ بدايتها أو لا يشارك، ونحن مرتاحون في تموقعنا الآن في المعارضة، ونهيئ للاستحقاقات القادمة من أجل تبوء المرتبة الأولى.
- إذن تتقاطعون مع حزب الأصالة والمعاصرة في بعض انتقاداتكم الموجهة للحكومة، لماذا لا تنسقون معه؟
أولا نحن لا نجتمع مع حزب الأصالة والمعاصرة كحزب، وهذه معارضة، وربما حتى الأغلبية توجه نفس الانتقادات للحكومة، حين يتعلق الأمر بقضايا من القضايا الملحة للشعب المغربي فلا يمكن أن نختلف، هذا توافق وليس اتفاق، وحزب الاستقلال ليس له أي تنسيق أي حزب أخر حاليا.
فلا يمكن أن ننسق مع حزب لا يوجد أي شيء يجمعنا به لا في التاريخ ولا في التأسيس ولا المرجعيات، وحتى المنهجية التي اشتغل بها ذلك الحزب، الاستقلال راكم تجربة وتاريخ ومحطات اذن حاليا الظروف ليست مهيأة للتنسيق السياسي مع أي حزب وخاصة في المعارضة، لكن بعد 2021 لها مدبر حكيم .
نحن حاليا ننسق مع "البام" في البرلمان بحكم نفس التموقع فملزمون أحيانا بأن ننسق حول مشاريع وقوانين ومجموعة من الآليات، والدستور والقوانين الجاري بها العمل تلزمنا بأن ننسق في قضايا، لكن ليس في تبني المواقف السياسية .
- السؤال الذي يتبادر للذهن هو أن حزبكم كان خلال الولاية التشريعية الماضية كان ينسق مع حزب الأصالة والمعاصرة، ما الذي تغير منذ ذلك الحين إلى الآن؟
الذي تغير هو المؤتمر الـ17 لحزب الاستقلال (ضاحكا)، الظروف هي التي تصنع القرارات، ونحن الآن لنا قيادة جديدة بعد المؤتمر وبتوجهات أخرى…هذا الذي تغير.
- أعود بكم إلى انتخابات رئاسة مجلس المستشارين، قيل انكم تعرضتم لسحب مرشحكم، ما تعليقكم على ذلك؟
حزب الاستقلال يعتبر الذي حصل مهزلة سياسية غير مفهومة، أن الأغلبية تتفق على عدم الترشيح لتساند جزءا من المعارضة، كما حصل في مجلس النواب، هذا الجزء من المعارضة يتفق مع الأغلبية…هذا نمط جديد في علم السياسة "ما كاينش، قلبنا فالعالم كلو" أن الأغلبية تساند المعارضة.
حزب الاستقلال لا يمكن أن يرضى أن يشارك في مسرحية مخدومة سلفا، ولا يمكن أن يساهم في تبخيس العمل السياسي إلى هذه الدرجة ، لهذا قرر حزب الاستقلال الانسحاب، وليس بسبب ضغوط، يمكن أن تكون هناك ضعوط على الأطراف الأخرى، لذلك نتمنى أن الأحزاب السياسية أن تستقل بقراراتها، وهذه هي الاحزاب التي يريدها الشعب المغربي، الأحزاب المستقلة بقراراتها ولا تأخذ تعليمات من أي جهة.
- كنتم محط انتقادات كثيرة بسبب ملف تقاعد البرلمانيين، بسبب ما تم قراءته على أنه دفاع منكم على بقاء تقاعد البرلمانيين في حين تعالت أصوات الكثيرين مطالبة بإلغائه، ما تعليقكم على ذلك؟
هذا الملف كان موضوع نقاش كبير، وهذا طبيعي جدا، والآن وصل إلى الباب المسدود، لكن النقاش لم يبدأ إلا بعد إفلاس الصندوق. فريقنا كان مع تصفية الصندوق، لكن نزولا عند رغبة الإجماع الذي ينادي بالديمومة ذهبنا مع هذا التوجه، لكن بمعايير من أهمها أن تكون معالجة مشاكل الصندوق ذاتية مائة بالمائة، أي الديمومة لكن ليس على حساب الدولة.
ونحن نقترح حلولا كالتخلي عن تعويضات الإقامة والتنقل للنواب، ويمكن استعمال هذين "الامتيازين" لتمويل الصندوق، مع الأخذ بعين الاعتبار عددا من حالات البرلمانيين الذين يعانون بسبب توقف التغطية الصحية التي تقتطع من المعاش.
- تقدمتم بمقترح أثار جدلا كبيرا، حول العفو العام لصالح مزارعي الكيف، أين وصل هذا المقترح؟
لم نثر هذا الموضوع للمزايدات، الآن في العالم هناك توجه نحو التقنين، في أمريكا اللاتينية وأروبا وحتى في أمريكا الشمالية، لأننا نتحدث عن الكيف وليس مخدرات ، الكيف الذي يستخرج منه الداء والدواء، والفريق الاستقلالي تقدم بمقترح لتقنين زراعة الكيف لأسباب إيجابية، للصناعة، واستخراج الأدوية، وهناك دراسات تؤكد أن الكيف صالح لأعراض كثيرة منها الأدوية ومواد التجميل وغيرها…لكن للأسف الآن يستعمل كمادة مخدرة…اذن بما ان المساحة المزروعة بدأت تتسع وشملت كل مناطق في شمال المملكة، لكن الوضعية التي تخلفها هذه الزراعة سلبية جدا، هي الخوف، الرعب والمداهمات، السجون، يعني أن المنطقة كلها في سراح مؤقت، وهذا غير مقبول، ويجب ان يعالج الملف، وعلاجه في التقنين.
الكيف نبتة، لماذا نجرم فقط مزارع الكيف ولا نجرم مزارع التين والعنب التي تستخرج منها الخمور مثلا؟ الكيف مادة ومزارعها لا يجب أن يجرم، وما يجب منعه من يحولون هذه المادة إلى مادة مخدرة.
اذن قدمنا مقترحا للمصالحة مع هذه الساكنة، لأن العدد كبير تعدى الثلاثين ألفا من المزارعين، وهو رقم ليس بالسهل ولا يمكن أن نتركهم في حالة رعب، لا يمكن أن يسافروا أو يجدوا بطاقتهم الوطنية، بسبب الرعب من القبض عليهم…هذه وضعية شاذة لا يمكن أن تنتهي إلا بالترخيص للزراعة وإقرار مصالحة بين ساكنة المناطق والعفو العام ونبدأ صفحة جديدة.
وبالنسبة لمصير المقترح، الحكومة لا تتجاوب مع مقترحات النواب إلا نادرا، إذن كان شأنه هو شأن المقترحات الأخرى، لكن سنحاول التنسيق مع الفرق النيابية من أجل برمجته في الأيام القادمة.
- الحكومة دائما ما تتحدث عن محاربة الفساد وإنجازاتها في هذا المجال، كيف تقيمون عملها؟
للأسف رغم الالتزامات الكثيرة لهذه الحكومة والحكومات السابقة في محاربة الفساد، لكن على الملموس لا أثر لهذه الإرادة، فالفساد ما يزال موجودا ومتعششا في مرافق كثيرة، والأرقام الوطنية والهيئات المختصة خير دليل على ما أقول، وكذلك التقارير الدولية التي تصنف المغرب في مراتب محترمة جدا في الفساد.
نحن نرى أنه يجب أن ننتقل إلى محاربة المفسدين المعروفين، وتفعيل مبدأ من أين لك هذا، ومن خلالها يمكن أن نرسل إشارات واضحة للشعب المغربي بأن الحكومة جادة في تفعيل التزاماتها اتجاه الفساد، وليس التطبيع معه بإطلاق مبدأ عفا الله عما سلف، علاوة على تغييرالقوانين المتعلقة بالصفقات.
الشعب المغربي يرى أن الحكومة "غير كتتفلى وما كينش الإرادة"، وفي غياب الإرادة الحقيقية لمحاربة الفساد والرشوة سيظل الواقع على ما هو عليه.
- وبالنسبة للاحتجاجات التي تفجرت ف الشهور الاخيرة، كيف تقيمون تعامل الحكومة معها؟
الاحتجاجات مشروعة، هي من أجل الحق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الحق في الشغل والصحة والتعليم وهي حقوق طبيعية منصوص عليها في الدستور، لكن عندما ترى منطقة كالحسيمة وجرادة لا تستفيد ولا حق لها، هذا ما دفع بالمواطنين إلى الخروج..للأسف كان مصيرهم هو توزيع أحكام قضائية ثقيلة، في حين الجهة التي كان من المفروض أن تحاكم هي فشل السياسة الحكومية التي لم تقدم اي إضافة لساكنة هذه المناطق ومناطق أخرى .
ورغم الوعود الكثيرة للحكومة على ارض الواقع لا وجود لها، سواء في جرادة أو الحكومة، بمعنى أن الحكومة أسلوبها فقط هو الإطفاء بمختلف الوسائل، وقد تكون عنيفة.
- باعتباركم منتخبا في الحسيمة، كيف تقيمون تنفيذ برامج "الحسيمة- منارة المتوسط" و"محاربة الفوارق المجالية"؟
برنامج الحسيمة خلق ضجة كبيرة في السياسة في المغربي ، وأعطى ما اصطلح عليه بالزلزال السياسي بسبب تقصير مجموعة من القطاعات في أوراشه الكبرى، وكان بمثابة مشروع الأمل للإقليم.
الاشغال تسير ببطء كبير جدا، مثلا كانت هناك مشاريع من المفترض تسليمها سنتي 2017 و2018 لم تنطلق غلى يومنا هذا، صحيح أن هناك مشاريع انتهت، لكن المشاريع الأساسية التي من شأنها رفع العزلة والأسباب الأساسية التي كانت وراء الاحتقان لم تنجز على أرض الواقع، كالنواة الجامعية والطرق في العالم القروي، تهيئة المراكز القروية وغير ذلك.
- لمن تحملون المسؤولية في هذا التعثر؟
للقائمين على هذا البرنامج والساهرين عليه، قطاعات وزارية ومنسقو الإنجاز ما عرفناهمش واش من العمالة أو الداخلية…على أي يجب على الجميع أن يتحملوا مسؤوليتهم، لذلك الفريق الاستقلالي ما يزال متمسكا بالمهمة الاستطلاعية حول تنفيذ هذه المشاريع.
الجهات الآن عبارة عن جماعات كبيرة بميزانيات قد تكون أقل من بعض الجماعات، وما زال ما كينش جهوية متقدمة حقيقية بالمفهوم الدستوري المنصوص عليه.