هل ستتحول أفريقيا إلى بؤرة جديدة لفيروس كورونا حول العالم؟
حذر تقرير للمدرسة البريطانية للوقاية والطب الاستوائي من تحول أفريقيا إلى بؤرة انتشار جديدة لفيروس كورونا على غرار الولايات المتحدة والصين. وأشار إلى احتمال إصابة 450 ألف شخص بهذا الفيروس في مطلع شهر مايو المقبل. من جهته، أكد دينيس موكويغي الطبيب الشهير والحائز على جائزة نوبل للسلام في 2017 أن "رغم إدراك المجتمعات الأفريقية لخطورة الفيروس، إلا أن فرض الحجر المنزلي أمر شبه مستحيل".
يواصل وباء كورونا تفشيه فيالدول الأفريقية وسط تحذيرات لمنظمة الصحة العالمية لحكومات القارة السمراء، دعتها فيها إلى الإسراع في أخذ التدابير الطبية الاستعجالية لمواجهة “أسوأ السيناريوهات”.
وعزز هذا النداء الأممي صرخة أخرى أطلقها الطبيب الكونغولي الذائع الصيت دينيس موكويغي، والحائز على جائزة نوبل للسلام في 2017.
ففي مقابلة أجراها مع جريدة “لوموند” الفرنسية في 28 مارس، دعا هذا الأخصائي في معالجة أمراض النساء إلى التصدي بقوة لفيروس كورنا.
وقال “إن المجتمعات الأفريقية أصبحت تدرك جيدا خطورة هذا الوباء على حياتها. لكن هناك حقيقة مرة وهي أن الحجر المنزلي شبه مستحيل في العديد من الدول”.
وسجلت الدول الأفريقية، حسب الإحصاءات الرسمية التي نشرتها بعض الحكومات، وفاة حوالى 400 شخص جراء فيروس كورنا لغاية الآن.
فيما تجاوز عدد الإصابات عشرة آلاف. وتشمل هذه الإصابات 50 دولة من أصل 54. ويعتبر هذا العدد متواضعا مقارنة بالإصابات التي حصدها وباء إيبولا في 2014 والتي بلغت 11.000 حالة وفاة في ثلاث دول فقط، وهي ليبيريا وسيراليون وغينيا.
فيروس كورونا يضع الأنظمة الصحية الأفريقية على المحك
ورغم انخفاض نسبة الإصابات في أفريقيا مقارنة بأوروبا والولايات المتحدة، إلا أن تقريرا جديدا نشرته المدرسة البريطانية للوقاية والطب الاستوائي رجح إمكانية ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كوفيد-19 إلى 450 ألف حالة في مطلع شهر مايو المقبل في القارة الأفريقية.
وإضافة إلى هذا العدد الكبير من الإصابات، يخشى باحثون بريطانيون من الأعراض الثانوية التي قد تتركها هذه الجائحة على المرضى وعلى الأنظمة الصحية التي هي أصلا ضعيفة.
من بينها صعوبة القيام بالتحاليل الطبية الكافية لرصد الإصابات بالفيروس وظهور اضطرابات في حملات الطب الوقائي وفي عمليات التطعيم.
هذا، وشككت مؤسسة “مو إبراهيم” التي تهتم بقضايا التنمية في القارة الأفريقية والحكم الراشد في تقرير نشرته في 30 مارس الماضي في مدى “صحة أرقام المصابين بفيروس كورونا في القارة السمراء”.
وحذرت هذه المؤسسة أن في حال “انتشر وباء كوفيد-19 بشكل واسع في أفريقيا، فستكون تداعياته وخيمة على السكان والاقتصاد”، داعية إلى المزيد “من التنسيق بين الحكومات من جهة ودعم المؤسسات الصحية لمواجهة الوباء فضلا عن جمع وتقاسم البيانات الطبية والمعلومات، من جهة أخرى”.
هل سيضعف فيروس كورونا الأنظمة الأفريقية؟
وإلى ذلك، أكد عضو في فريق “كارل بيرسون” وهو معهد دولي للإحصاء أسسه عالم الرياضيات كارل بيرسون في حوار مع الموقع الإلكتروني “theeastafrican” (ذو إيست أفريكن) أن “أزمة كوفيد-19 ستكشف ضعف الأنظمة الصحية العامة في الدول الأفريقية. ما جعل بعض الشركات الاقتصادية تفكر في تقديم المساعدات للحكومات التي تعاني من نقص في التجهيزات الطبية والمعدات بدلا من أن تنتظر هذه الحكومات وصول المساعدات من الدول الغربية، التي هي أصلا تعاني في نفس الوضع”.
وفي الأثناء، نشر الموقع الإلكتروني لجريدة “لتريبون” الفرنسية تقريرا قام به مركز التحليل والتنبؤ والاستراتيجية التابع للخارجية الفرنسية، عبر فيه عن خشيته أن تنعكس أزمة كورونا سلبا على الأنظمة الأفريقية، لا سيما تلك التي تقع في منطقة الساحل (مالي وتشاد والنيجر) وأفريقيا الوسطى.
هل ستنقطع العلاقة بين المجتمعات الأفريقية ومؤسسات الدولة بسبب فيروس كورونا؟
وأشار التقرير إلى أن “أزمة كوفيد-19 ستؤدي إلى بروز صراعات جديدة من أجل السيطرة على السلطة وعلى أجهزة الدولة”، مشيرا إلى أن “أمام غياب الثقة في النخب السياسية، يجب (على فرنسا) إيجاد شركاء سياسيين جدد لمواجهة الأزمة وعواقبها السياسية في المستقبل و”فتح قنوات حوار مع فاعلين آخرين، من بينهم ممثلو الديانات ومواطنون فرنسيون من أصول أفريقية ومستثمرون اقتصاديون ورجال ثقافة وفنانون يحظون بشعبية كبيرة في بلدانهم”.
وأضاف التقرير أن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في أفريقيا، لا سيما في زمن الحجر الصحي، “سيتسبب في قطع العلاقة بشكل نهائي بين المجتمعات الأفريقية ومؤسسات الدول التي يعيشون فيها، ما قد ينذر بظهور اضطرابات سياسية وحتى أعمال عنف”.
وأنهى التقرير أن فيروس كورونا سيهدد التوازن “الضعيف” الذي تتمتع به مجتمعات دول أفريقيا الوسطى مثل الكاميرون والغابون والكونغو وبرازافيل التي تعتمد اقتصاداتها على تصدير النفط. فأي انهيار إضافي للأسعار يمكن أن يشكل تهديدا حقيقيا لمجتمعات هذه الدول.
المصدر: الدار ـ أ ف ب