متى يمكن التوصل إلى علاج لفيروس كورونا؟
مع تخطي عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد حول العالم 3 ملايين شخص، منهم أكثر من مئتي ألف وفاة، يتساءل الكثيرون عن موعد توصل المختصين إلى دواء يقي من الفيروس القاتل، أو على الأقل يحد من تأثيره على جسم الإنسان.
شبكة “بي بي سي” البريطانية أوردت تقريرا مفصلاً تناول العديد من التساؤلات عن كورونا وكذلك عن الأدوية التي يتم استخدامها حاليا للتخفيف من تأثيرات الفيروس على جسم الإنسان.
التقرير أكد أنه من السابق لأوانه معرفة متى يمكن أن يتوفر دواء لعلاج مرض فيروس كورونا، إلا أنه من المتوقع الحصول على “نتائج التجارب التي تجري في الوقت الحالي في الأشهر القليلة المقبلة”.
ونوه التقرير أن هذا التوقيت “يعتبر أبكر بكثير من الوقت الذي سنعلم فيه مدى فعالية اللقاح ضد الفيروس الذي يحمي من العدوى ولا يعد علاجا”.
ولفت التقرير إلى ضرورة التفريق بين اللقاح والعلاج، إذ أن الأطباء يقومون باختبار الأدوية التي تم تطويرها بالفعل والمعروفة بسلامتها بشكل يسمح باستخدامها وهو ما يعرف بالعلاج، في حين يبدأ الباحثون في صنع اللقاحات من الصفر.
وتجرى تجارب لاختبار فعالية بعض العقاقير التجريبية والجديدة كليا ضد الفيروسات التاجية في المختبر أيضاً، ولكنها ليست جاهزة بعد لاختبارها على البشر.
الأدوية المتاحة في الوقت الحالي
الموقع البريطاني نوه أنه في حال التعرض للإصابة بفيروس كورونا فستكون تلك الإصابة على الأغلب طفيفة ويمكن علاجها في المنزل بحبوب “الباراسيتامول” وشرب الكثير من السوائل مع الالتزام بالراحة.
إلا أن بعض الناس يحتاجون إلى علاج مكثف في المستشفى، والذي يتضمن تزويدهم بالأوكسجين عبر جهاز التنفس الاصطناعي.
وتُجرى في الوقت الحالي بحوث في مختلف أنحاء العالم على أكثر من 150 عقار مقترح، مُعظمها أدوية موجودة سابقاً وتُجرَّب حاليا لمكافحة الفيروس.
وأطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة “تجربة تضامن” التي تهدف إلى تقييم فعالية العلاجات الواعدة.
تقول المملكة المتحدة إن تجربتها الخاصة، التي حملت اسم “تعافي” لاختبار أدوية يمكن أن تعمل على فيروس كورونا، هي الأكبر في العالم، حيث يشارك فيها فعلياً أكثر من خمسة آلاف مريض.
وأكد تقرير “بي بي سي” أن العديد من مراكز الأبحاث حول العالم بدأت باستخدام بلازما دماء المتعافين من الفيروس كعلاج.
وحتى الآن يجري استخدام 3 حزم من الأدوية ويجري في الوقت ذاته تمحيصها واختبارها على نطاق واسع وهي، الأدوية المضادة للفيروسات التي تؤثر بشكل مباشر على قدرة فيروس كورونا على النمو داخل الجسم، والأدوية التي بإمكانها تهدئة جهاز المناعة، إذ تصبح حالة المصاب بالفيروس خطيرة عندما يستجيب نظام المناعة لديه بشكل مبالغ فيه ويبدأ في التسبب في حدوث أضرار جانبية للجسم، والأجسام المضادة، التي يتم الحصول عليها من بلازما دماء المتعافين، أو تُصنع في المختبر، والتي باستطاعتها مهاجمة الفيروس.
عقار فعال ضد كورونا
ووفق موقع “بي بي سي”، قال الطبيب بروس أيلوارد من منظمة الصحة العالمية بعد زيارته للصين، إن عقار “ريميدسيفير” هو الدواء الوحيد الذي أعطى إشارات على فعاليته.
وكان هذا العقار المضاد للفيروسات قد صُمم بالأصل لعلاج مرض “إيبولا”، لكن ثبتت فعاليته في علاج أمراض أخرى.
ومنذ ذلك الحين، ثبتت فعاليته في علاج أنواع أخرى من الأمراض الناجمة عن الفيروسات التاجية القاتلة؛ مثل متلازمة الجهاز التنفسي في الشرق الأوسط ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد، وأدى ذلك إلى تعليق الآمال على قدرته على علاج مرض كوفيد – 19، أيضاً.
وتشير النتائج المسربة من التجارب التي تقوم بها جامعة شيكاغو إلى أن العقار كان فعالا، وهو واحد من الأدوية الأربعة التي تُجرى اختبارات على فعاليتها ضمن تجربة منظمة الصحة العالمية “تضامن”. وكذلك تُجرى الشركة المصنعة له، “غيلياد ساينسز ” الأمريكية، اختبارات أخرى في هذا الصدد.
مدى نجاعة أدوية الملاريا
وذكر تقرير “بي بي سي” أنه يجري اختبار مدى فعالية أدوية الملاريا ضمن تجربتي منظمة الصحة العالمية “تضامن”، و”تعافي” البريطانية.
وقد يكون لعقار “الكلوروكوين” وعقار آخر قريب منه هو “هيدروكسي كلوروكين”، خصائص مضادة للفيروسات ومهدئة لنظام المناعة.
وقد سُلطت الأضواء على استخدام هذه العقارات كعلاجات محتملة لفيروس كورونا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في هذا الصدد، ولكن حتى الآن ليس ثمة سوى أدلة قليلة على فعاليتها.
ويستخدم هيدروكسي كلوروكين أيضاً لعلاج التهاب المفاصل الروماتيزمي، لقدرته على تنظيم عمل جهاز المناعة.
وأظهرت التجارب المختبرية، أنه يمكن أن يثبط عمل فيروس كورونا، وهناك بعض الأقاويل من بعض الأطباء تتحدث عن أنه مفيد في مساعدة المرضى. إلا أن منظمة الصحة العالمية تقول إنه لا يوجد دليل قاطع على فعاليته.
وعادة إذا كان رد فعل الجهاز المناعي شديدا في مواجهة الفيروس فقد يؤدي ذلك إلى التهاب في جميع أنحاء الجسم. ويعد هذا أمرا مفيدا في تحفيز وحشد قدرات الجهاز المناعي ضد الفيروس، ولكن إذا كان رد الجهاز المناعي مفرطا سيتسبب في أضرار جانبية في جميع أنحاء الجسم وقد تكون قاتلة.
وتحاول تجربة “تضامن” اختبار فعالية عقار “إنترفيرون بيتا” الذي يستخدم لعلاج التصلب المتعدد (الذي يصيب والجهاز العصبي) ولتقليل الالتهاب.
والإنترفيرون هي مجموعة من المواد الكيميائية التي يطلقها الجسم عند تعرضه لهجوم من فيروس.
وتستكشف تجربة “تعافي” في المملكة المتحدة مدى فعالية عقار “ديكساميثازون”، وهو نوع من هرمون الستيرويد الذي يستخدم لتخفيف الالتهاب.
جدير بالذكر أن الأشخاص الذين تعافوا من كورونا تتشكل لديهم أجسام مضادة في الدم يُمكنها مهاجمة الفيروس، وبالتالي يمكن نقل بلازما الدم (الجزء الذي يحتوي على الأجسام المضادة) من المتعافين من المرض إلى المصابين به، وهو الأمر الذي طبقته العديد من الدول والتي كانت منها الولايات المتحدة الأمريكية التي عالجت فعلياً 500 مريض بما يعرف بـ “بلازما الشفاء”.
المصدر: الدار ـ وكالات