الرأيسلايدر

هل كان الرميد سيعترض على القانون 22.00 لو لم يتم تسريبه؟

الدار/ افتتاحية

منذ نهاية البلوكاج الحكومي الشهير وصياغة التحالف الذي أفضى إلى الحكومة الحالية، لم يستطع حزب العدالة والتنمية أن يتخلص من الحساسية التي يشعر بها تجاه شركائه خصوصا في حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. فعلى الرغم من أن الحكومة التي يرأسها سعد الدين العثماني أكملت عامها الثالث في مارس المنصرم لا تزال مخترقة بالخلافات التي ترقى أحيانا إلى مستوى الدسائس وممارسات “السابوطاج” التي يحكمها منطق السباق الانتخابي السابق لأوانه. هذا ما طفا على السطح مجددا على خلفية الجدل الذي أثاره تسريب مشروع قانون 22.00  الخاص باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي.

فبعد أن مضى على المصادقة على مشروع القانون أكثر من شهر سارع الحزب في شخص وزير حقوق الإنسان المحامي مصطفى الرميد إلى التبرؤ من النص بمجرد أن تم تسريب نسخة منه وتم تداولها على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي. واستبق الرميد، تصريحات وزير العدل محمد بنعبد القادر في محاولة واضحة للتنصل من مسؤولية حزبه عن المساهمة في هذا المشروع، ليشير إلى أن هذا النص سبق الاعتراض عليه من قبل بعض أعضاء الحكومة، لذلك فإن  نسخة المشروع تبقى غير نهائية، وأي نقاش حول مواد بعينها سابق لأوانه، حسب قوله.

ويفيد خروج الوزير الرميد للحديث عن هذا القانون على الرغم من أنه لم يكن معنيا مباشرة بصياغته، حسب ما جاء في تصريحات وزير العدل الذي أقر بأنه كان وراء إعداد المشروع، أن حزب العدالة والتنمية لا يزال يعمل داخل الحكومة بمنطق فردي وأحادي بعيدا عن منطق التضامن الحكومي الذي تفرضه علاقاته مع حلفائه داخل الأغلبية. ويستشف من هذا الخروج المنفرد للوزير الرميد أن هناك محاولة واضحة لإحراج بقية الحلفاء في الحكومة ورمي الكرة في ملعبهم، وخصوصا حزبا الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار. والحال أن مسؤولية حزب العدالة والتنمية باعتباره يرأس الحكومة قائمة ولا يمكن التنكر لها فيما يتعلق بهذا المشروع الذي صادق عليه المجلس الحكومي.

وما يؤكد هذا الأمر هو سكوت الوزير الرميد عن مناقشة هذا الموضوع إلى أن ظهرت النسخ المسربة وتم تداولها، ليخرج بما سمته بعض المصادر الإعلامية ب”المرافعةّ” ضد القانون 22.00. وهنا يطرح السؤال: ماذا لو لم يتم تسريب المشروع إلى العموم، هل كان الرميد سيعترض على مضامينه علنا؟ من المفهوم أن يبادر وزير حقوق الإنسان إلى التصدي لكل ما يمكن أن يقيد الحريات عموما، وحرية التعبير على الخصوص، بالنظر إلى أن مهمته داخل الحكومة تقتضي الدفاع عن كل الحقوق الأساسية والمدنية للمواطنين، لكن ما هو غير مفهوم هو أن يتحول هذا الدفاع إلى مزايدات سياسية ضد الحلفاء أو المعارضين، في محاولة مفضوحة لتلطيخ الآخرين وتبرئة الذات.

زر الذهاب إلى الأعلى