الدار/ رضا النهري:
لا شيء يدل على أن فيروس “كورونا” في طريقه إلى حزم حقائبه والرحيل بعيد. إنه باق بيننا حتى وقت طويل، إن لم يكن لسنوات، فبالأحرى لأشهر، وإذا لم يظهر بشكل عاجل عقار يقضي عليه، أو يقاومه ولو نسبيا، فمن الصعب التكهن برحيله، لا مع الصيف ولا مع الخريف ولا مع كل فصول السنة.
ما نقوله من قبل نكرره اليوم، وهو أن أي استهتار بهذا الفيروس قد نؤدي ضريبته غاليا، وهذا ما يجب أن يعيه أولئك الذين يستعجلون الخروج من حالة الطوارئ الصحية، وينتظرون العشرين من ماي المقبل أكثر مما ينتظرون العيد، مع أنه من الأكيد أن الحجر الصحي سيتم تمديده، إن لم يكن لشهر آخر، فقد يكون لخمسة عشر يوما قابلة للتمديد.
هناك بلدان أوربية تعرف انخفاضا في أعداد الوفيات والإصابات، مثل إيطاليا وإسبانيا، وهذا ما يدفع إلى بعض التفاؤل، لكن هناك أيضا بلدانا تعرف ارتفاعا في أعداد المصابين والمتوفين، مثل فرنسا والمملكة المتحدة، دون الحديث عن الولايات المتحدة الأمريكية، التي ضاقت مقابرها بالأموات حتى صاروا يُنسون في الشاحنات في الشوارع العمومية، وهذا ما دفع فرنسا إلى تمديد الحجر الصحي حتى نهاية يوليو المقبل.
الحل الذي يجب أن نركز عليه هو أنه يجب أن نستمر في الحذر وفي التعامل بنضج كبير مع هذه الجائحة. وحتى الآن فإنه من حقنا أن نفخر بالإجراءات التي اتخذتها الدولة من أجل محاصرة الوباء، لكن يمكننا أيضا أن نحس بالخذلان من أولئك الذين يستهترون بالحجر وكأنه يعنيهم وحدهم، مع أنه مثل قنبلة “نابالم”، حين تنفجر فإنها تترك شظاياها في كل مكان وتخلف الكثير من الضحايا.
ينبغي أن نركز على موضوع أساسي آخر، وهي ألا نتوقف عن التضامن، فهو الركيزة الأساسية لنجاح الحجر الصحي ومقاومة الوباء، ولو تراخينا، ولو قليلا فإنه سنهدم كل ما حققناه سابقا. إننا اليوم، بالفعل، أمام امتحان جماعي صعب يفوق كل الامتحانات السابقة، ولا خيار لنا غير النجاح، مهما كان الثمن.