الرأيسلايدر

الكرامة أولا..

الدار/ رضا النهري:

من أروع مظاهر مقاومة المحنة التي يجتازها المغاربة حاليا، هي صور التضامن التي خففت بشكل كبير من تبعات الوباء وضيق ذات اليد في الحجر الصحي، وهو تضامن تم على شقين، التضامن الرسمي عبر المؤسسات المخول لها ذلك، والتضامن الشعبي عبر مساندة الناس بعضهم لبعض، خصوصا فيما بين الأسر والعائلات الواحدة.

وعندما تم استئناف الحجر الصحي لشهر إضافي، فإن أغلبية الناس تفهموا ذلك، لكن هذا التفهم كان مقرونا نجاحه باستمرار حملة التضامن، لأن أي خلل في ذلك سيجعلنا نصب الماء في الرمل، لأن الحجر الصحي لا يمكنه أن ينجح بينما الناس لا يجدون قوت يومهم داخل منازلهم.

هكذا، إذن، سيظل نجاح الحجر الصحي يسير بجناحين، جناح الالتزام، وجناح استمرار حملة التضامن والمساعدة رسميا وشعبيا، وأي خلل ما بين الجناحين سيجعل طائرة المقاومة في وجه كرونا تسقط، وندمر كل ما بنيناه مستقبلا.

لكن في كل هذا التضامن ينبغي الحفاظ على كرامة الذين يعانون عسرا في هذه الظروف القاسية، فليس من التضامن في شيء أن نجعل كل ممنوح مجبرا على التقاط الصور والظهور أمام العدسات لكي نبين أن التضامن يسير بألف خير.

الدولة، بكل مؤسساتها، عملت على حفظ كرامة المحتاجين للمساعدات، ووفرت لهم كل السبل للحفاظ على هويتهم، لكن من الغريب أن نجد عددا كبيرا من الجمعيات، التي تسمي نفسها خيرية، وهي تستعرض عضلاتها في وسائط التواصل الاجتماعي، عبر بعض المساعدات التي تقدمها للمحتاجين.

أن تمارس جمعية ما العمل الخيري، سواء باستمرار أو في مناسبات معينة، فذلك لا يعني أن تحول وجوه الناس إلى آلة دعائية لها، فمنح قفة لمسكين ليس من الضروري أن تتبعه صورة تنشر على الفيسبوك أو اليوتوب، لأن وجه المحتاج لا يحتاج إلى قفة، بقدر ما يحتاج إلى صون كرامته.

بقدر ما نشدد على ضرورة استمرار التضامن وتدفق المساعدات بمختلف أوجهها، فإننا نشدد أيضا على ضرورة الحفاظ على كرامة الناس.

زر الذهاب إلى الأعلى