الدار/ رضا النهري:
في مختلف مناطق العالم، بدا من المقلق رؤية اتساع طوابير الفقراء وفاقدي الشغل في انتظار الحصول الى وجبات يومية أو مساعدات غذائية، وصار من المألوف، خصوصا في البلدان المتخلفة، مشاهدة المزيد من المتسولين وهم يطوفون الشوارع ويطرقون الأبواب، لكي ينضافوا إلى جيش المتسولين الموجود أصلا.
مشاهد مثل هذه، تعيد إلى الأذهان ما ترتبط به الأوبئة دائماً، وهو ارتفاع حدة الفقر التي تصل إلى المعاناة من الجوع، وهذا ما كانت البشرية تتحمله في الماضي بكثير من الصبر، لكن من الصعب تحمل ذلك في هذا الوقت، خصوصا وأن الوباء لم يظهر شراسة كبيرة في القتل، مقارنة بالأوبئة السابقة التي كانتىتخلف ملايين القتلى في بضعة أشهر، لكن وباء كورونا أبان عن قوته الكبيرة وغير المعهودة في الانتشار، ولا أحد يدري ما يخبئه مستقبلا.
لقد نجحت البشرية فعلا، ليس في النجاة من هذا الفيروس، ، بل في التقليل من الخسائر، وهذا تم فقط بفضل نجاعة الحجر الصحي، لكن المستقبل لا يزال يلفه الكثير من الغموض، والبلدان التي تستعجل الخروج من الحجر هي التي ستؤدي ثمنا غاليا في المستقبل، لأن هذا الفيروس لا يزال يتربص بالناس عند كل منعطف.
في كل الأحوال، فإن الحجر الصحي، في مظهره الصارم، لن يستمر إلى أطول من بداية الصيف، فلن تحتمل البشرية المزيد من طوابير الجوع وكثرة المتسولين ومظاهر الانهيار الاقتصادي،، فقد صار من الممكن التعايش مع الفيروس، في أسوأ الحالات، لو أصبح من الضروري الاختيار ما بين الموت مرضا أو الموت جوعا.
ما يحتاجه الناس الآن هو القليل من الصبر لكي لا يتحالف عليهم الجوع والوباء غداً، فمن يستعجل الخروج التام من الحجر الصحي حاليا قد يعاني مستقبلا من مصيبتين، مصيبة المرض ومصيبة الجوع، ومن يصبر قليلا من الأكيد أنه سيجني لاحقاً ثمرة صبره.