كريستيان ديور.. الفرنسي العاشق للفن والجمال، والمؤسس لواحدة من أهم وأرقى دور الأزياء في العالم.. كان والده مهتماً بالسياسة ويرغب أن يصبح ابنه شخصية دبلوماسية هامة لتذكره فرنسا وتخلد اسمه عبر العصور، وبالفعل لا تزال فرنسا والعالم أجمع يذكرون كريستيان ديور، ليس كدبلوماسي هام كما حلم والده، إنما كواحد من أهم مصممي الأزياء وأكثرهم إبداعاً على مر العصور.
قصة كريستيان ديور
ولد كريستيان ديور Christian Dior في عام 1905، بمدينة جرانفيل المطلة على ساحل نورماندي في فرنسا.
لم تكن عائلة كريستيان من هواة الفن، فقد امتلك والده، موريس ديور، مصنعاً لتصنيع الأسمدة، وكان يطمح أن يصبح ابنه كريستيان شخصية دبلوماسية مرموقة في فرنسا، وأن يحدث تغييراً في بلده وفي العالم أجمع خصوصاً في ظل الظروف التي كانت تمر بها أوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية، لذا قرر موريس إلحاق ابنه بمدرسة للعلوم السياسية.
لم يهتم كريستيان بالسياسة قط، ولم يستطع أن يصبح شخصية دبلوماسية مرموقة في فرنسا، لكنه أحدث تغييراً جذرياً في بلده وفي العالم أجمع في مجال الموضة والأزياء.
أزمة مالية دفعته نحو تصميم الأزياء
قرر كريستيان ترك المدرسة لإنشاء معرضه الفني الخاص، وبالرغم من أن الفكرة لم تكن مثالية بالنسبة لوالده إلا أنه لم يقف عائقاً أمام تحقيق طموحات ابنه، بل وأقرضه المال لإنشاء معرضه، لكن اشترط عليه ألا يطلق اسم عائلة “ديور” على المعرض، فإن كان لا بد وأن تشتهر هذه العائلة، فستشتهر بالسياسة لا بالفن.
وبالفعل افتتح ديور معرضه الفني الأول في باريس، ولاقى المعرض قبولاً، لكن سرعان ما تعرضت عائلته لأزمة مالية اضطر ديور على أثرها إلى إغلاق المعرض والاتجاه نحو عمل قد يشكل له مصدر رزق معقولاً ولا يتعارض مع شغفه بنفس الوقت: تصميم الأزياء.
بدايات متواضعة
في البداية، عمل ديور على رسم تصاميم الأزياء على الورق الأبيض، وبيع تصاميمه مقابل 10 سنتات لكل تصميم.
لكنه سرعان ما استطاع تأمين وظيفة ثابتة ليعمل كمساعد لمصمم الأزياء الفرنسي روبرت بيجت، إذ بقي يعمل معه لمدة 10 سنوات، حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية، وتم استدعاؤه لأداء الخدمة العسكرية والتحق بالتجنيد.
ترك كريستيان ديور التجنيد في عام 1942، والتحق ببيت الأزياء الخاص بالمصمم لوسيان ليلوج، وعمل هناك كمصمم مساعد.
لكنه بدأ بلفت الأنظار إليه كمصمم مبدع عندما صمم مجموعة خاصة مؤلفة من 10 فساتين أثارت إعجاب كبار المصممين الفرنسيين في أحد عروض الأزياء.
ومن هنا بدأ نجم ديور بالسطوع.
ديور إلى العالمية
لم يعد ديور مضطراً بعد ذلك للعمل كمصمم مساعد، فاشترك مع رجل الأعمال الثري مارسيل بوساك في عام 1947، وافتتحا معاً دار أزياء ما لبثت أن لاقت شهرة كبيرة في كافة أنحاء فرنسا.
ولم يمض وقت طويل حتى أصبحت تصاميم ديور الأشهر في فرنسا، بسبب ذوقه الرفيع في انتقاء الأزياء وتعامله مع الفساتين كأنها لوحات فنية، وقد كانت تصاميم ديور في ذلك الوقت واحدة من الأسباب التي أكسبت باريس شهرتها كعاصمة للموضة والأزياء.
وفي العام 1949، افتتح ديور فرعاً في نيويورك، ثم في أماكن مختلفة حول العالم، وطور صناعته لتشمل العطور والإكسسوارات كذلك.
سان لوران ينقذ ديور من التهاوي
في العام 1957 توفي كريستيان ديور إثر أزمة قلبية، مخلفاً وراءه واحداً من أقوى وأهم دور الأزياء في العالم.
لكن شركته بدأت بالتهاوي والتخبط بعد وفاته، واستمرت أسهمها في الهبوط رغم اسمها العريق إلى أن جاء المصمم سان لوران لينضم إلى ديور ويساعدها على استعادة أمجادها.
وتتالى على الدار العديد من المصممين المشاهير الذين تركوا بصماتهم في ديور نذكر منهم المصمم الإيطالي جون جاليانو، وبفضل هؤلاء لا يزال اسم “ديور” الأهم في عالم الأزياء والموضة.