معاناة المغاربة العالقين في الخارج تجد صداها في أكبر الصحف البريطانية
صحيفة “الغارديان” البريطانية / ترجمات: المحجوب داسع
في 14 مارس، أمر رئيس الحكومة الاسبانية، بيدرو سانشيز، باغلاق الحدود، قائلاً إنه يجب اتخاذ “قرارات استثنائية” بسبب معاناة البلاد من “أزمة صحية واجتماعية واقتصادية” ناجمة عن تفشي باء “كوفييد19”.
اتخذت السلطات المغربية قرارها الاستثنائي الخاص بها في اليوم السابق، عندما أمرت بإغلاق المعابر الحدودية التي تربط المدينتين الإسبانيين سبتة ومليلية مع باقي مدن ومناطق البلاد. مع إغلاق الحدود البرية الوحيدة بين أفريقيا وأوروبا، وجد العديد من المواطنين من القارتين أنفسهم عالقين.
بعد ثلاثة أشهر، لا يزال أزيد من 500 مغربي في طي النسيان، وبعيدا عن منازلهم، و بموارد مالية قليلة – إن وجدت – التي يمكنهم من خلالها إعالة أنفسهم. ينام الكثيرون كل ليلة على أبواب الحدود ويحافظ القليل منهم على مسافات الأمان المذكورة في بروتوكولات الوقاية من جائحة “كوفييد19”.
على غرار العديد منهم، وجدت الشابة الجامعية، حياة، التي كانت عائدة من مدريد إلى مدينة الناظور، نفسها عالقة في مليلية، لكن لحسن حظها لديها أقارب، و معارف لإيوائها وحمايتها في مليلية، فيما أمضى آخرون، مثل عمر، الذي كان يحاول العودة إلى منطقة غاليسيا شمال غرب إسبانيا – حيث يعمل لإعالة أسرته في المغرب – شهورًا نائمًا في مستودع بدون مياه جارية أو كهرباء.
ثم هناك الأقل حظاً: حكيم، مغربي آخر عالق، يعيش في كوخ خشبي، وينام على الكرتون في ضواحي المدينة، بينما يبيت آخرون في العراء.
تكلفت سلطات مدينة مليلية بالعديد من المحاصرين عند الحدود، حيث وفرت الخيام وأوت الأشخاص في أماكن بما في ذلك حلبة مليلة، فيما كانت بعض النساء والأطفال ينامون في مكاتب المقبرة الإسلامية في المدينة، وفي الشاحنات المتوقفة بجوار القبور.
على الرغم من المساعدة والنوايا الحسنة، إلا أن الإغلاق الساري في ظل حالة الطوارئ المستمرة في إسبانيا أدى إلى بقاء العديد من المغاربة في مخيمات مكتظة لأكثر من شهرين.
وقال موحا، الذي وجد نفسه محاصرا مع زوجته ورضيعه وعدة حقائب ثقيلة: “من الصعب جدًا الابتعاد عن المنزل، دون أن تتمكن من الانتقال من منطقة مغلقة”، مضيفا “تمت مراقبتنا باستمرار ووجدنا أنفسنا مزدحمين في ظروف سيئة. شعرنا بأننا سجناء”.
بعد أزيد من شهرين من الإغلاق، قرر المغرب، مؤخرا، فتح معبر بني نصار، الحدودي للسماح لمواطنيه بالعودة الى الوطن، ركض جميع المغاربة الذين كانوا في مليلية إلى الحدود للعبور مرة أخرى، غير أن عملية الترحيل واجهتها صعوبات، اذ قامت السلطات المغربية والإسبانية بإعداد قوائم بأسماء، أولئك الذين سيسمح لهم بالعودة إلى ديارهم، حيث ضمت القائمة الأولى 200 اسم فقط.
وقالت سابرينا موه، ممثلة الحكومة الإسبانية في مليلية، “لقد زودتنا السلطات المغربية بقائمة تضم 200 شخص”، مضيفة “ربما لا يعرف المغرب عدد سكانه العالقين في مليلية”.
تضمنت القائمة التي قدمتها السلطات المغربية، 130 مواطنا “ذا أولوية في عملية الترحيل”، بما في ذلك رجال أعمال وأثرياء، من بينهم عمدة الناظور، واحدة من أكبر المدن المغربية.
من جانبها، قدمت إسبانيا قائمة بحوالي 70 شخصًا يواجهون الترحيل من أراضيها. وبطبيعة الحال، لم يظهروا ليتم إعادتهم عبر الحدود.
في اليوم التالي، بدأت طوابير الأشخاص الذين يرغبون في العودة إلى المغرب تتشكل مرة أخرى، لكن لم يُسمح سوى بعودة 50 شخصًا الذين اعتبروا حالات هشة يقتضي الأمر ترحيلها، فيما لازال العديد من الذين تركوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بالقرب من الحدود على أمل أن يبزغ يوم جديد عند شروق الشمس، يضع حدا لمعاناتهم، وأن يتمكنوا من المرور عبر السياج المعدني الذي يفصل بين مدينة أوروبية صغيرة ووطنهم الأم.