الدار/ رضا النهري:
يمكن لسوء الحظ أن يقترن بالذين وجدوا أنفسهم فجأة، في بلدان بعيدة عن المغرب، وهم الذين ذهبوا إلى هناك إما للسياحة أو للدراسة أو للاستشفاء، أو حتى لزيارة قصيرة جدا لأقربائهم، فوجدوا أنفسهم في أطول عطلة في حياتهم.. عطلة لم تتكرر أبدا.
كثير من هؤلاء، الذين وجدوا أنفسهم يحملون لقب العالقين، من دون أن يختاروا هذا اللقب، كانوا يتوقعون انتهاء أزمة “تعليقهم” بعد أسبوع أو أسبوعين، أو حتى شهر، وفي النهاية وجدوا أنفسهم يمضون أشهرا طويلة في ظروف لم يختاروها ولم يتوقعوها.
الجدل الذي يدور في المغرب حول ما يسمى أزمة العالقين، هو جدل بيزنطي لا يمكنه أن يوصلنا إلى أي مكان، فهؤلاء المغاربة السيئي الحظ، بدأت معاناتهم، ليس بفعل الفيروس، وليس لأن المغرب رفض استقبالهم أو إعادتهم، بل لأن الحدود تم إقفالها بين كل البلدان، وتم تعطيل حركة الطيران بشكل شبه كامل، وأصبحت مختلف بلدان العالم تفكر فيما ستفعله بمن يوجدون داخل البلاد وليس من يوجدون خارجها.
وكما بقي آلاف العالقين المغاربة في مختلف بلدان العالم، فكذلك بقي آلاف العالقين من مختلف بقاع العالم في المغرب، إلى درجة صار سكان مناطق قصية وفقيرة في جنوب المغرب، من نواحي أكادير، يوزعون مساعدات غذائية على “سياح” فرنسيين، وتلك لقطات طريفة كان من الممكن أن تكون من باب “الخيال العلمي” أو من فيلم كوميدي جدا، لولا فيروس كورونا الذي جعلها واقعية جدا.
فيروس كورونا هو الذي خلق لنا “خيالا علميا” آخر يتمثل في محاولة العشرات من الشباب المغاربة “الحْريك”، ليس من المغرب نحو أوربا، بل من سبتة نحو المغرب، حين حاولوا السباحة بحرا أو محاولة التسلل عبر الأسيجة الخطرة للعودة إلى منازلهم.
اليوم، بدأت أزمة العالقين تنجلي رويدا رويدا، ومن الأكيد أن الذين جربوا “التعْلاق” سيفكرون ألف مرة قبل أن يقرروا السفر مرة أخرى خارج البلاد، لأن ما فعلته “كورونا” بالناس هي أنها، وحتى وإن لم تمسس صحة أغلبهم بسوء، إلا أنها غيرت أمزجتهم وطباعهم على الأبد.