الدار/ رضا النهري:
منذ بدء تفشي فيروس “كورونا”، أغلقت آلاف المتاحف عبر العالم أبوابها، من بينها متاحف عالمية شهيرة كانت تستقبل عددا قياسيا من الزوار كل يوم، فبدأت بذلك أطول وأصعب عزلة لهذه المتاحف في تاريخها.
عشاق المتاحف بدورهم لم يتقبلوا بسهولة هذا الطلاق البائن، ولو مؤقتا، فاختاروا الوصال عن بعد، ولو عبر الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي. فقد كانت المتاحف، ولا تزال، كيانا حيا يصعب أن يعيش من دون الآخرين، والآخرون يصعب عليهم العيش من دون متاحف.
وخلال الأشهر الماضية، عرضت أغلب المتاحف الشهيرة محتوياتها عبر الانترنيت، سواء عبر بواباتها الرسمية أو عبر وسائط التواصل، رغم أن هذا الرابط عن بعد لا يلبي شغف عشاق المتاحف، لكنه، على الأقل، جنب الطرفين القطيعة الكاملة لكل هذه الفترة من الوقت.
عزلة المتاحف انتهت جزئيا خلال الأيام الماضية حين بدأت تفتح أبوابها بالتدريج لزوارها، لكنه لقاء حذر جدا في ظل تخوف الخبراء من كون الفيروس قد يكون يرتاح فقط من معركة أولى، في ظل حرب قد تكون أطول من المتوقع.
واستغلت أغلب المتاحف هذه العزلة الاضطرارية لكي توفر معروضات جديدة لزوار مرحلة ما بعد الفيروس، وهي معروضات، أريد لها أن تشكل مفاجأة لعشاق المتاحف، فيما يشبه عزاء نفسيا للزوار، الذين قد يجدون في المعروضات الفنية المستجدة خير عزاء أمام الفيروس المستجد.
المتاحف التي فتحت أبوابها جزئيا فعلت ذلك وفق مقاييس السلامة الصحية والتباعد الاجتماعي، فقررت فتح القاعات الفسيحة المتوفر على أفضل تهوية ممكنة، بينما تجنبت فتح الغرف والقاعات الصغيرة أو المتوسطة.
كما أن إدرات هذه المتاحف رسمت خارطة طريق فعلية للزوار، فيما يشبه ممر النمل المنضبط والآمن، بحيث صار من الصعب على الزوار أن يتحركوا وفق مشيئتهم داخل المتاحف، وربما من الصعب أن يقفوا طويلا أمام لوحة فنية ما، وقد يستحيل عليهم العودة لتأمل لوحة أو تحفة فنية أعجبتهم.
إنها قوانين مستجدة لمكافحة فيروس مستجد، لكن المستقبل سيكون أقل سوءا.. بالتأكيد.