مهنيو النقل الصحي والإنجاد في مواجهة كورونا .. أنشطة حيوية مكبلة بإكراهات تنظيمية
يتطلع مهنيو النقل الصحي والإنجاد إلى تجاوز مختلف الإكراهات الحالية والمستقبلية، التي تعيق أنشطتهم البالغة الأهمية، خاصة في ظل الأزمة الصحية التي لها صلة بانتشار فيروس كورونا المستجد .
وإذا كانت أنشطة هؤلاء المهنيين والخدمات التي يقدمونها لها صلة مباشرة بصحة المواطنين وحياتهم خلال الأوقات العادية، فإن انتشار الجائحة على المستوى الوطني ضاعف من هذه الأنشطة، بل ومن متاعبهم، لأنهم يقعون ضمن الصفوف الأمامية في المعركة الشرسة التي يتم خوضها لكسر شوكة هذا الفيروس .
ومن أجل تحقيق تطلعات المهنيين، التي تغطي عدة مجالات، أنشأ العديد من المهنيين تنظيمات عدة من بينها ( الجمعية المغربية لمصالح الإسعاف والإنجاد )، التي تمثل العديد من المقاولات الخاصة المشتغلة في هذا المجال، على المستوى الوطني .
فخلال زيارة قام بها طاقم صحافي يمثل وكالة المغرب العربي للأنباء، لمقر الجمعية المتواجد بالعاصمة الاقتصادية، تم الوقوف عن قرب على نوعية العمل الذي يقوم به هؤلاء المهنيين، ومختلف الإكراهات التي تواجههم، وتطلعاتهم المتعلقة بتطوير القطاع وتجويد خدماته أكثر .
وفي هذا الصدد ، أكد السيد عبد الحميد المؤدن رئيس (الجمعية المغربية لمصالح الإسعاف والإنجاد ) في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن مهنيي هذا القطاع تعبأوا بمجرد انتشار فيروس كورونا، وذلك تلبية لدعوات السلطات المحلية ، مشيرا على سبيل المثال لا الحصر إلى أنه تم على مستوى الدار البيضاء لوحدها، وضع 25 سيارة إسعاف خاصة مجانا رهن إشارة السلطات الصحية للمساهمة في التصدي للجائحة، وذلك ضمن زخم التضامن الوطني .
وتابع أن مواجهة الأزمة الصحية الحالية لا يهم وزارتي الداخلية والصحة لوحديهما ، ولكن يهم كل مواطن ، وذلك من خلال مساهمة كل واحد من موقعه في جهود التصدي للجائحة، مشددا على أن كل مواطن ملزم باتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع تفشي هذا الوباء .
وفي معرض تطرقه للمهمة الأساسية للجمعية، قال إنها تتعلق بمواكبة ومساعدة المقاولات الخاصة للنقل الصحي والأموات ، كي تكون خدماتها في ” مستوى عال جدا “، مشيرا إلى أن الأعضاء المنضوين تحت لواء الجمعية يتواجدون بمختلف مناطق البلاد (الداخلة ، العيون ، طنجة ، الناضور، زاكورة ، ورزازات ، الدار البيضاء ).
وبعد أن لفت إلى أن الأمر يتعلق ب 290 مقاولة لسيارات الإسعاف الخاصة، و190 مقاولة لنقل الأموات ( 620 سيارات إسعاف ، و250 سيارة لنقل الأموات )، أبرز أن المشاكل التي يعانيها مهنيو القطاع في ظل انتشار كورونا ، تتمثل في عدم توفرهم على الإمكانيات الكافية من ألبسة للحماية ووسائل التعقيم وغيرها من اللوازم التي تحمي العاملين بسيارات الإسعاف.
وتابع أن هذا الوضع” قد ينتج عنه نقل العدوى، حيث يتم مثلا ، نقل مريض، ثم بعد ذلك يتم نقل مريض آخر دون تعقيم السيارة، وهنا تكمن الخطورة، لأن السيارة قد تصبح ناقلة للعدوى”، مشيرا إلى أن المسعفين لا يعرفون تحديدا ما إذا كان المريض المنقول بسياراتهم ، يحمل الفيروس التاجي أم لا .
ولهذا السبب تحديد، فقد دعا وزارة الصحة إلى العمل على إجراء فحص مجاني للكشف عن فيروس كورونا ، لفائدة كل المسعفين على المستوى الوطني، لعدم توفر إمكانيات القيام بذلك، لأن عددا منهم لم يستطيعوا مواصلة أنشطتهم، خلال الأزمة الصحية خاصة مع اعتماد صيغة الحجر الصحي وبقاء الناس في منازلهم .
ولذلك فإن كل مهنيي هذا القطاع، كما قال ، يحتاجون فعلا إلى ” من يدعمهم ويساعدهم كي يقوموا بمهمتهم على أحسن وجه “، مشيرا إلى أن عددا قليلا منهم (حوالي 10 بالمائة ) هم الذين يقومون فعلا بعملية تعقيم (تعقيم داخلي وخارجي لسياراتهم )، لسبب بسيط هو عدم التوفر على الإمكانيات “.
وفي معرض تطرقه إلى بعض الحلول الكفيلة بتجاوز هذه الإكراهات وغيرها ، أوضح أن الجمعية تقترح إلغاء ” الامتياز” ، الذي تمنحه الجماعات لمدة خمس سنوات ، وتعويض ذلك ” برخصة ” ، مشيرا إلى أنه لا يمكن لمقاولة أن تحصل على امتياز وتشتغل ، لأنه بعد هذه الفترة يقع مشكل يتمثل في السماح لها بمواصلة نشاطها أم لا .
وحسب السيد المؤدن، فإن القطاع يواجه أحيانا ” مشكل الاحتكار” المتمثل في ” منح رخصة واحدة على مستوى مدينة واحدة ” بشأن سيارات الإسعاف أو نقل الأموات، لأن المريض في هذه الحالة، لايمنح الحق في اختيار المقاولة التي يتعامل معها، مشيرا إلى أن هناك قرارا بهذا الشأن يروم طي هذا المشكل نهائيا.
وشدد السيد المؤدن في هذا السياق على ضرورة وجود منافسة شريفة كي يمنح المريض الحق في اختيار المقاولة التي يتعامل معها.
وبعد أن سجل أن السلطات المعنية تتعاطى بشكل جدي مع هذه المشاكل وغيرها، وذلك من خلال سعيها لوضع نظام جديد يهم هذا القطاع ، قال إن الجمعية تقترح، فضلا عن اعتماد المنافسة ، ضرورة اللجوء إلى التكوين المتعلق بالإسعاف والإنعاش بالنسبة للمشتغلين في سيارات الإسعاف .
ويبقى بيت القصيد ومربط الفرس العنيد في أنشطة وخدمات هذا القطاع ، هو السعي لجعله في مستوى مختلف التحديات، وهذه الأزمة الصحية غير المسبوقة، وهو ما لا يمكن بلوغه دون الانصات أكثر لمطالب المهنيين ومقترحاتهم التي تضع نصب عينيها تجويد الخدمات ، وتنظيم القطاع بشكل أفضل .
المصدر: الدار- وم ع