“ليديك” لا تعرف شيئا عن جائحة كورونا
الدار/ افتتاحية
إذا كانت قائمة كورونا السوداء قد ضمت العديد من الأفراد والهيئات والمؤسسات التي عبرت عن انتهازية وجشع كبيرين في عز الجائحة، فإن العديد من المقاولات الخاصة تستحق أن توضع على رأس قائمة الراسبين في هذا التحدي أيضا. ويأتي على رأس هذه المقاولات العديد من الشركات العالمية التي وجدت في أرض المغرب منجما لا ينضب لمراكمة الأرباح والثروات على حساب الأسر المغربية التي استنزفتها تداعيات الأزمة الصحية.
وإذا سألت المواطن البيضاوي اليوم عن الشركة التي تتصدر هذه القائمة فلن يتردد في وضع اصبعه على اسم شركة “ليديك” الفرنسية المتخصصة في تدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل. هذه المقاولة التي اغتنت بفضل الدار البيضاء والبيضاويين منذ منتصف التسعينيات بعد أن خرجت من ضيق فرنسا إلى رحابة المدن الكبرى في العالم، وأصبحت أرباحها بمليارات الدولارات. ها هي ذي اليوم تجلد منخرطيها بفواتير ملتهبة ونارية كمن يحاول حل أزمته الخاصة على حساب جيب المواطن المقهور.
لقد صدمت هذه الشركة التي تتقن فن “زوق وبيع” الأسر البيضاوية التي كانت غارقة تحت ضغوط الحجر الصحي الطويل. وما كاد البيضاويون يتنفسون الصعداء ليخرجوا من أسابيع الإغلاق الطويلة حتى شرعت الفواتير المجنونة تقضي على البقية الباقية من مواردهم التي تراجعت كثيرا بسبب الأزمة الاقتصادية الموازية. لا يتعلق الأمر فقط بعدم اختيار التوقيت المناسب أو انعدام الرحمة والشفقة، فهذا هو الأصل في عقلية القطاع الخاص، ولكن المعضلة الحقيقية هي المبالغة الصادمة في تقديرات استهلاك المواطنين من الماء والكهرباء. يقول أحد المشتكين إنه يقطن في شقة لا تتعدى مساحتها 30 مترا مكونة من غرفة واحدة مع مرافقها ثم تلقى فاتورة تقدر ب900 مائة درهم. هل يعقل أن يبلغ استهلاك فرد واحد من الكهرباء في إحدى الفواتير أكثر من 1200 درهم!!!
لا تنتظروا من شركة شعارها الرئيسي “خلص وشكي” أن تعبر عن حس اجتماعي وتضامني في زمن الجائحة، فهي لم تأت هنا إلا لتجني الأرباح وتحولها إلى الحسابات الأم في فرنسا. لكن اللوم كله يقع على عاتق هؤلاء المنتخبين المنبطحين في مجلس الانبطاح بمدينة الدار البيضاء، الذين صدعوا آذان البيضاويين بأسطورة مراجعة عقد شركة ليديك دون جدوى، وبينما تواصل الشركة تغولها وجشعها، يستمر هؤلاء في دفن رؤوسهم في الرمل، وعار الفشل في خلق مقاولة وطنية محلية لتدبير القطاع يطاردهم.