الدار/ رضا النهري:
لم يعد بإمكان العالم اليوم سوى احتمالين لا ثالث لهما، أولهما العثور على لقاح سريع وفعال ضد الفيروس، والاحتمال الثاني هو الهروب إلى الأمام وترك الحال على ما هو عليه، فيما يشبه تطبيق نظرية “التعايش مع الفيروس”، التي طالما نادى بها عدد كبير من خبراء الصحة العالمية.
وعلى الرغم من أنه يمكن توفر الاحتمالين معا، إلا أنه وجب الاعتراف بأن الفيروس، مع شدة انتشاره مؤخرا في مختلف بقاع العالم، فإنه فقد، ولو نسبيا، قدرته على القتل مثلما كان يفعل في السابق، وباستثناء بلدان قليلة مثل البرازيل والولايات المتحدة والمكسيك، فإن نسبة الإماتة انخفضت كثيرا في بلدان كانت تحصي ألف حالة وفاة يوميا بسبب الفيروس مثل إيطاليا وإسبانيا وروسيا وإنجلترا وغيرها.
ومع كل الاحتياطات اللازمة التي يتم اتخاذها اليوم، إلا أنه صار من شبه المستحيل إعادة فرض الحجر الصحي مثلما كان معمولا به في الأشهر الأربعة الماضية، فالظروف المناخية لا تسمح أبدا، كما أن الظروف المادية صارت أصعب من ذي قبل، والناس أصبحوا أكثر استعدادا للتعايش مع الفيروس عما كانوه في السابق.
وربما يبدو من المفيد التذكير بنظرية قيلت في بداية تفشي الفيروس، وهي نظرية “كلنا تحت المطر”، والتي تعني أن الفيروس يشبه مطرا متهاطلا من السماء، والناس كلهم في العراء، مما يعني أنهم جميعهم سيتبللون، مع فارق نسبي في قدرة كل شخص على تحمل تبعات المطر.
هذه هي النظرية التي تبدو اليوم أقرب إلى الواقع، فالإصابات صارت تتعدى بكثير ما كان متوقعا، لكن يجب الاعتراف أن نسبة الإصابات البسيطة في الماضي كانت تتبع نسبة الفحص، وكلما ارتفع معدل الفحص الطبي إلا وارتفعت معه نسبة الإصابات، ولنتصور أنه يمكن إجراء مليون فحص في اليوم، فمن الأكيد أن نسبة الإصابات ستكون مفزعة جدا.
ومثلما يحدث مع أي مطر، فنحن مطالبون بانتظار أن يتوقف، وأكيد سيتوقف يوما ما، لكن أقل ما يمكن أن يفعله السائر تحت المطر هو ألا يكون عاريا، لذلك فإن أقل ما يمكن أن نفعله في مواجهة “كورونا” هو ألا نتعرى من كماماتنا وسبل وقايتنا، فهي لباسنا الطبيعي ضده.