المواطنسلايدر

الطباخون.. لماذا نسيهم التاريخ..؟!

الدار/ رضا النهري:

يحتفظ التاريخ بكثير من العرفان للقادة العسكريين والسياسيين على مر العصور، وحتى للمفكرين والفلاسفة والفنانين، لكن التاريخ لا يكاد يذكر شيئا عن أبطال آخرين لم يكن دورهم أقل من غيرهم، إنهم الطباخون…

وظل دور الطباخين منسيا، أو هامشيا جدا، على مر العصور، على الرغم من أنهم كانوا صناع سعادة حقيقية، ليس للناس العاديين فقط، بل حتى لكبار القادة والمفكرين والفلاسفة، الذين لم يكونوا ليعيشوا حياتهم البهيجة لولا هذا الفن العظيم.. الطبخ.

كثيرون ينسون، أو يتناسون، أن الطبخ هو أقدم فن بشري على الإطلاق، وقبل أن يتعلم الإنسان الرسم والكتابة والنحت والغناء، فإنه تعلم الطبخ ثم أبدع فيه، وبينما كان من الممكن الاستغناء عن صنوف الفن الأخرى، فإن فن الطبخ بقي شامخا على مر العصور.

والحقيقة أن الطباخين لم يكونوا في العصور الماضية مصدر احتقار أو تبخيس، فقد كانوا دائما موضع تبجيل وتقدير، وكثير من الأمم جعلت من طباخيها عنصرا حيويا في حياتها اليومية، لكن الذي جرى هو أن المؤرخين سرعان ما يهيلون التراب على هذا الفن وأهله، ولم يحتفظ التاريخ إلا بحفنة من أسماء وسير كبار الطباخين في العالم، بينما تزدحم كتب التاريخ بأسماء مئات الآلاف من القادة السياسيين والعسكريين والكتاب والفنانين والفلاسفة وغيرهم.

لم يكن الطبخ، في يوم ما، بمعزل عن الإنجازات العسكرية والعمرانية والثقافية والحضارية لأمة ما، فقد كان يتطور بتطور الأمم واتساع مساحة البلدان والإمبراطوريات، ويكفي أن نلقي نظرة على فن الطيخ عند الأمم الفاعلة في التاريخ البشري، لكي ندرك أنه فن قائم الذات، وتطور مع تطور الأمم، واتسع تأثيره مع اتساع التأثير السياسي والعسكري والثقافي.

وتُجمع الاكتشافات الأثرية على أن هناك موعدا حاسما في تطور الطبخ البشري، مع اكتشاف النار، حين بدا الإنسان يدرك أهمية الطبخ، وربما لم يكن هذا الاكتشاف سوى صدفة من صدف التاريخ، حين قرر الإنسان تذوق بقايا لحم حيوان احترق لحمه في نار عشوائية، فقرر أن يجعل من النار حليفه الأساسي.

زر الذهاب إلى الأعلى