سلايدرمغرب

المغرب يكرس ريادته الإنسانية والدبلوماسية عبر أكبر دعم إغاثي مباشر إلى غزة بقرار ملكي

الدار/ مريم حفياني

مرة أخرى، يثبت المغرب بقيادة الملك محمد السادس أن التزامه تجاه القضية الفلسطينية ليس مجرد موقف تقليدي أو خطاب سياسي عابر، بل هو فعل متجذر يتجلى في مبادرات إنسانية غير مسبوقة. فقد أعطى العاهل المغربي تعليماته السامية بتسيير قافلة جديدة تضم 100 طن من المساعدات الغذائية والدوائية واللوجستية العاجلة إلى قطاع غزة، لترتفع الحصيلة إلى 317 طناً خلال عشرين يوماً فقط، وهو رقم قياسي لم يقترب منه أي بلد آخر منذ إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.

هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات كمية، بل هي تعبير عن إرادة سياسية قوية في أن يكون المغرب في الصفوف الأولى للداعمين للشعب الفلسطيني في أحلك الظروف.

ما يجعل التجربة المغربية فريدة من نوعها هو الكيفية التي تم بها تدبير هذا الدعم. فبعيداً عن المساطر الطويلة والتعقيدات التي تفرضها عادة المنظمات الدولية أو بعض الوسطاء، استطاع المغرب، عبر دبلوماسية هادئة وفعالة، التوصل إلى اتفاق خاص مع الجانب الإسرائيلي يتيح له إدخال مساعداته براً بشكل مباشر ودون عراقيل. هذا المسار الاستثنائي لم يختصر فقط الوقت والمسافة، بل جسد رؤية عملية تجعل من العمل الإنساني أولوية فوق كل الحسابات. وبذلك، قدم المغرب نموذجاً جديداً في إدارة العمل الإغاثي، يقوم على الفعالية والسرعة، ويضع مصلحة الضحايا فوق كل اعتبار.

هذه المبادرة تكشف في عمقها عن فلسفة دبلوماسية مغربية متوازنة، حيث يجمع المغرب بين مواقفه التاريخية الثابتة في نصرة القضية الفلسطينية وبين الانفتاح على قنوات التواصل مع مختلف الأطراف من أجل خدمة أهداف إنسانية نبيلة. ومن خلال هذا التوازن، يكرس المغرب مكانته كفاعل إقليمي يحظى بالثقة والاحترام، ليس فقط في المنطقة العربية والإسلامية، بل أيضاً على الصعيد الدولي، حيث يُنظر إليه كدولة قادرة على تحويل التضامن إلى خطوات عملية ذات أثر مباشر.

كما أن هذا العمل يسلط الضوء على المكانة الخاصة التي تحظى بها فلسطين في الوجدان المغربي، وعلى الدور المحوري للملك محمد السادس بصفته رئيس لجنة القدس، إذ تتجاوز هذه المبادرات الإطار الإغاثي لتصبح رسالة سياسية وإنسانية مزدوجة: رسالة إلى الفلسطينيين بأن المغرب معهم عملياً في محنتهم، ورسالة إلى المجتمع الدولي بأن التضامن الحقيقي لا يقاس بالشعارات، وإنما بالفعل الملموس الذي يصل إلى الميدان.

وعلى ضوء هذا المشهد، يمكن القول إن المغرب لم ينجح فقط في تقديم أكبر حجم من المساعدات إلى غزة في فترة زمنية قياسية، بل تمكن أيضاً من إعادة تعريف مفهوم الدعم الإنساني في زمن الأزمات، عبر مقاربة جديدة توظف أدوات الدبلوماسية لخدمة الإنسان وتضع الفعالية فوق البيروقراطية، لتصبح المملكة بذلك مرجعاً في كيفية المزج بين البعد الإنساني والبعد السياسي في القضايا الدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى