رؤساء تنسيقيات التجار لـ”الدار”: الإضراب بعد الاتفاقية لم يعد له مبرّر
الدار/ عفراء علوي محمدي
خاض التجار والحرفيون بمختلف المدن المغربية، أمس الثلاثاء، واليوم الأربعاء، إضرابا عاما شل الحركة بمختلف الأسواق والمحلات التجارية الصغرى، استكمالا لسلسلة الإضرابات التي نظمتها مختلف التنسيقيات والغرف التجارية والمهنية منذ عدة أسابيع، ومن المنتظر أن يتواصل الإضراب يوم غد الخميس.
وعلى الرغم من الحلول التي اقترحتها كل من المديرية العامة للضرائب، ووزارة الصناعة والتجارة، المتمثلة أساسا في إسقاط البنود المتعلقة بالضرائب وفرض رسوم الفاتورة الإلكترونية والرسوم الجبائية على التجار الصغار، بدت الشوارع والساحات والأسواق التجارية خالية تماما، بسبب إغلاق المحلات التجارية الشعبية، في كل من طنجة وسيدي سليمان وسلا والقنيطرة، كشكل من أشكال الاحتجاج الذي يبرز عدم رضى التجار بالحلول المقترحة.
وفي تعليقه على الموضوع، قال عبد الله بلهري، رئيس تنسيقية التجار والحرفيين، فرع الرباط، إن هذا الإضراب "كان مبرمجا من قبل بعض التجار في الأصل، والتفاق الذي توصلنا إليه مع مديرية الضرائب ووزارة الصناعة لم يكن كافيا لإلغاء الإضراب المبرمج قبل أسبوع".
واعتبر المتحدث، في تصريح لموقع "الدار"، أن المكتسبات التي تم تحقيقها ليست سهلة، "لكن الاتفاق الذي توصلنا إليه يحتاج بعض الوقت ليعمم على الجميع، كما يحتاج وقتا أطول لوضعه على أرضية الواقع".
وأفاد بلهري أن التنسيقية "حاولت جمع التجار، وشرح المكتسبات التي تم انتزاعها من الحكومة، لأن الإضراب الآن لم يعد له أي مبرر، ولا يمكننا أن نحكم على إضراب هناك من يستغله لأغراض لا داع لذكرها".
وأوضح المتحدث "نحاول أن نشرح لهم، أن الأمور والنقاط الخلافية جرى حلها، وأنه جرى إبرام اتفاقية مع الجهات المعينة، والإضراب الآن لم يعد له أي مبرر، في حين لا يمكننا أن نحكم على إضراب يستغله البعض لأغراض وأهداف بعيدة عن الحقيقة، إذ تم خوضه بسبب شائعات خاطئة تم ترويجها، والغرض منها التشويش فقط".
ودعا عدد من التجار، التابعين للتنسيقية، التجار الصغار لخوض إضراب عام في طنجة، أمس الثلاثاء 22 يناير، لمطالبة الحكومة بمراجعة وتعديل قوانين التجارة التي تمس حياتهم المهنية.
وأعلن التجار بعاصمة البوغاز، أن هذه الخطوة "ستكون بمثابة إعلان رفض جميع التدابير الضريبية الجديدة التي اتخذتها الحكومة مطلع السنة الحالية، و التي جاءت دون إشراك المهنيين"، ومن ضمنها فرض الرسم الجزافي على التجار الصغار والأداء بالفاتورة الإلكترونية.
وعن إضراب التجار بمدينة طنجة، اعتبر مصطفى بن عبد الغفور، نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة والخدمات بجهة طنجة تطوان الحسيمة، في تصريح لموقع "الدار"، أن الإضراب الذي خاضته المحلات التجارية بطنجة أمس الثلاثاء "لم يكن من دافع الامتثال لهذا الإضراب طواعية، بقدر ما كان شكلا من أشكال التخوف والارتباك في صفوف التجار، الذين لا زالوا لا يثقون بمقتضيات الاتفاقية التي أبرمناها مع مديرية الضرائب والجمارك وبحضور وزير المالية" ، مبرزا أن هذا الأمر شيء طبيعي. وأكد بن عبد الغفور، أن "تصريحات المسؤولين التي أقروا من خلالها بأن الاتفاقية مجرد حبر على ورق، وأن القانون لا يمكن تغييره، جعلت بعض التجار يغلقون محلاتهم، ويشكّون في مصداقية الاتفاق".
وسجل المتحدث نفسه أنه لا وجود لجهة دعت إلى الإضراب، "اللهم بعض المجموعات "الفيسبوكية" اللامنتمية التي أشعلت فتيله، على الرغم من أن لا داعي إليه الآن"، على حد تعبيره.
واعترف بن عبد الغفور بأن إضراب طنجة كان ناجحا "غير أنه لم يكن عاما، لأن مجموعة من المتاجر الكبرى وأسواق الجملة والمقاهي فتحت أبوابها بشكل طبيعي، باستثناء تجار المواد الغذائية".
وأفاد المتحدث أن التنسيقية عقدت حوارات مع مجموعة من التجار للتعريف بالاتفاقية المبرمة مع مديرية الضرائب، وكذا المكتسبات التي انتزعها التجار من خلالها، "إلا أن هذا التواصل غير كاف لإقناع شريحة كبيرة من التجار لازالت تشعر بالتخوف والريبة بخصوص الفاتورة الإلكترونية والرسوم الجبائية"، مبرزا أن هذه الضرائب ليست مفروضة إلا على نسبة ضئيلة من التجار الكبار وأصحاب رؤوس الأموال.
وبدورهم، أعلن أعضاء الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم، وتجار الجمعية المهنية للبقالة بسيدي سليمان، عن خوضهم للإضراب، الذي لقي نجاحا كاسحا في المدينة، حيث أغلقت مختلف المحلات والمقاهي، وبدت الحركة التجارية مشلولة بشكل تام، حسب ما أكدته مصادر محلية.
واعتبر التجار وأرباب المقاهي بسيدي سليمان أن إضرابهم "جاء من أجل مواصلة الاحتجاج على التدابير والإجراءات الضريبية المتخذة في حق المهنيين"، والتي وصفوها بـ"المجحفة".
وشهدت مدينة سلا، كذلك، شللا تاما في الحركة التجارية، حيث خاض التجار والمهنيون إضرابا مشابها، اليوم الأربعاء، انخرطت فيه أغلب المحلات الصغرى والشعبية، خصوصا في شارع 2 مارس بالمدينة القديمة، الذي يضم تجار الجملة، والذي بدا، يومه الأربعاء، خاليا تماما من رواجه التجاري المعتاد.
وفي القنيطرة أيضا، خاض التجار والمهنيون والحرفيون إضرابا عاما بمختلف المواقع التجارية، اليوم الأربعاء، والذي سيستمر إلى غد الخميس.
وحقق الإضراب نجاحا ملحوظا، حيث خلت الساحات والمركبات التجارية بسبب إغلاق القيساريات، ومحلات المواد الغذائية، والمقاهي، والمطاعم، ومحلات بيع الملابس والتجهيزات المنزلية، إضافة إلى المخابز والدكاكين الصغرى في ساحة الشهداء.
وكان التجار والمهنيون، في اجتماع لهم بحضور محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، ووزير التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، مولاي حفيظ العلمي، ومسؤولي المديرية العامة للضرائب وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، قد وقعوا، بعد إضرابات متوالية دامت أسابيع، اتفاقية لمنع اعتماد النص التنظيمي للفاتورة الرقمية والتعريف الضريبي على التجار الصغار، غير أن ذلك لم ينجح في طي صفحة الإضرابات المتتالية، والتي احتج أصحابها ضد مجموعة من التدابير التجارية الأخرى التي طالبوا بإعادة النظر فيها.
واحتج التجار على مقتضيات قانون المالية 2019 التي لا تراعي وضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية، سيما المادة 145 مكرر منه، والمتعلقة بتشديد الرقابة على السلع.
وحسب مضمون المادة، سيكون التاجر ملزما بإخضاع كل مبيعاته ومشترياته للتسجيل كل يوم في "روجيستر" يخضع للمراقبة من لدن مصالح إدارة الضرائب في كل وقت وحين.