“الطب الرياضي” في المغرب.. تطوّر مقبول والجامعة حريصة على التكوين المستمر
الدار/ صلاح الكومري
كثيرون يعتقدون أن "الطب الرياضي"، خاص فقط بالرياضيين المحترفين، الممارسين في المستويات العالية، والحقيقة أنه متاح للجميع، وفي خدمة كل من يسعى لتحسين قدراته الجسمية، وكل من يقوم بنشاط رياضي معين، سواء كان روتيني أو مناسباتي.
في المغرب، عرف "الطب الرياضي"، تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، موازاة مع التطور الذي شهدته أغلب الفروع الرياضية وانتقالها من الممارسة الهاوية إلى الاحترافية، خاصة في مجال كرة القدم، بحيث أن أغلب الفرق الممارسة في دوري المحترفين، أصبحت تتوفر على أطقم طبية متخصصة في هذا المجال، مخول لها بممارسة المهنة من جامعات دولية، ومن الجامعة الملكية المغربية للعبة.
مفهوم "الطب الرياضي"
يعود ظهور مصطلح "الطب الرياضي"، أول مرة، للقرن التاسع عشر، وبالضبط خلال الألعاب الأولمبية الصيفية، في العاصمة اليونانية "أتينا"، خلال الدورة الأولى للألعاب الأولمبية الحديثة، ويعتبر أحد العلوم الطبية التي تدرس ما يسمى بـ"وظائف الأعضاء والحركة"، في مختلف أنحاء العالم، والذي توصي به جميع المنظمات والهيئات الرياضية والطبية الدولية، وبالتالي فقد بات من المستحيل ممارسة الرياضة، في شقيها، الهاوي والاحترافي، أو أي نشاط رياضي كيفما كان نوعه، دون الاستعانة بـ"الطب الرياضي".
"الطب الرياضي" في المغرب
يقول الدكتور عبد الرزاق هيفتي، طبيب متخصص في "الطب الرياضي"، إن هذا المجال، عرف، تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة خاصة مع انتقال الممارسة الرياضية للمستوى الاحترافي، مبرزا: "الواقع والأرقام والمعطيات تؤكد أن المغرب من رواد الطب الرياضي في القارة الإفريقية".
وأوضح هيفتي، رئيس اللجنة الطبية للمنتخب الوطني المغربي، في حديث مع موقع "الدار"، أن جميع الأندية المغربية، سواء في القسم الأول أو الثاني، تتوفر على دكاترة متخصصين في "الطب الرياضي"، الشيء الغير متوفر في بعض الدول، رغم أنها تمارس في أعلى مستوى.
جامعة الكرة و"الطب الرياضي"
ينص دفتر تحملات ولوج البطولة الاحترافية، المصادق عليه سنة 2011، على ضرورة توفر جميع الأندية الوطنية الممارسة في دوري المحترفين، على أطقم طبية ذات مستوى عالي، إضافة إلى ذلك، فإن جامعة الكرة تحرص على مواكبة هذه الأطقم من خلال إخضاعها لبرامج تدريب وتكوين سنوية، في المغرب وخارجه.
وفي هذا السياق يقول إسماعيل الزيتوني، رئيس اللجنة الطبية في الجامعة الملكية المغربية، إن الأخيرة، حريصة جدا على إخضاع أطباء الفرق الوطنية لبرامج تكوين مستمرة، بحضور خبراء من أوروبا، ينتمون لأندية عالمية.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح نشر في الموقع الرسمي للجامعة الملكية المغربية، أنه على الأندية الوطنية أن تنخرط في مشروع تكوين المدربين، لأن الجامعة فتحت العديد من الأوراش في هذا السياق، من بينها أوراش محاربة المنشطات، مبرزا: "على جميع الأندية أن تواكب هذا التطور، خاصة وأن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، يعير اهتماما كبيرا لهذا المجال، بحيث أنه يصنف مستوى أي البطولة من مستوى أطقمها الطبية".
ما هو دور "الطب الرياضي"؟
لا ينحصر دور "الطب الرياضي" في العلاج الجسدي، ورفع القدرات الطاقية لجسم الرياضي، بل يتعداه إلى إعداد الرياضيين نفسيا، وتوجيههم، لتسهيل استيعاب عضلاتهم للمجهود الذي يبذلوه، والغرض من ذلك، حسب أهل الميدان، الوصول بالرياضي إلى أعلى مستوى الكفاءة البدنية والصحية والنفسية والعقلية.
يقول البروفيسبور "توماس بريكنز"، المتخصص في الطب الرياضي، في جامعة "نورث كارولينا" في الولايات المتحدة الأمريكية، إن دور "الطب الرياضي" ليس رهينا بالرياضيين أو من يمارس الرياضية، بل إنه في خدمة الأشخاص العادين المنتمين لمجالات غير رياضية، مثلا موظفين، سائقين، تجار.. إلخ، وذلك من خلال توجيههم لوقاية أنفسهم والحفاظ على سلامتهم البدنية، عبر اتباع، مثلا، حمية غذائية، أو ممارسة بعض الحركات البسيطة في البيت، أو المشي المنتظم.
بلخوجة وأهمية "الطب الرياضي"
يتذكر الرأي العام الوطني، جيدا حالة وفاة لاعب الوداد الرياضي يوسف بلخوجة، فوق أرضية ملعب مركب محمد الخامس، على هامش مباراة "الديربي" بين الوداد والرجاء، في 29 شتنبر 2001، بسبب أزمة قلبية، إضافة إلى وفاة جواد أقدار، لاعب حسنية أكادير، في 20 أكتوبر 2012، مباشرة بعد مباراة فريقه أمام أولمبيك خريبكة.
وقتها كان "الطب الرياضي" المتهم الرئيسي في وفاة اللاعبين، بحيث أن البطولة المغربية كانت تمارس، حينذاك، في منظومة هاوية، ولم تكن الكفاءة الطبية الرياضية ذات مستوى عال، على اعتبار أن جميع الفرق كانت تستعين بأخصائيين في جراحة العظام والمفاصل، وليس أخصائيين في "الطب الرياضي".
بعد هاذين الحادثتين، كان لزاما على الكرة المغربية الانتقال إلى الممارسة الاحترافية مع ما تحمله من ضوابط في "الطب الرياضي"، لهذا فرضت جامعة الكرة على جميع العصب الجهوية والأندية الوطنية في القسمين الأول والثاني، مجموعة من الإجراءات، من بينها عدم خوض مباريات في حال تغيب سيارة إسعاف مجهزة، وضرورة التوفر على أطقم طبية متخصصة، خريجة جامعات دولية، وضرورة خضوع اللاعبين لفحوصات، وتوفرهم على ملفات طبية ترسل نسخة منها إلى اللجنة الطبية في الجامعة قبل انطلاق كل موسم.