الدار/ رضا النهري
الدخول المدرسي بدا كوميديا في الكثير من جوانبه بعدما كان ينتظر أن يكون جديا أكثر من اللازم. فقد تناقل المغاربة لقطات طريفة، أكثر من الطرافة، لدخول مدرسي غير مسبوق في تاريخ البلاد، حيث أصبح تجميع أقل من ثلاثين تلميذا في قسم واحد من سابع المستحيلات.
في قرية نائية بدا رجل وقور يحمل “غلاّية” ماء ويصب الماء على أيدي التلاميذ في مدخل المدرسة، من دون أن نعرف طبيعة الماء، هل هو سائل معقم أم فائض من الصابون، أو على الأقل، هل هو مالح أو عذب زلال أو بارد أم ساخن، بينما رجل يصوره ويثني على مزاياه في محاربة كورونا.
وفي مدرسة أخرى وضعوا سلة يستعملها البناؤون ليضع التلاميذ أرجلهم داخلها لتعقيمها قبل ولوج المدرسة، تحت مراقبة صارمة لمسؤول في المدرسة وهو يحمل جهاز كشف “السخانة” على بعد مترين..
وفي كثير من المدارس، خصوصا في القرى النائية، حارب التلاميذ والمعلمون الفيروس بطرقهم الخاصة، ومن الأكيد أن الفيروس اقتنع في النهاية أن القرى النائية ليست ساحته المفضلة للحرب، فقرر أن يغزو المدن.
غير أن “أم الصور” كانت لقسم دراسي يكتظ بالتلاميذ في قرية ما، وهي التي أثارت الكثير من اللغط، ولكي يتوقف هذا اللغط، فإن وزير التعليم قرر أن يفتح تحقيقا في الموضوع، مع تهديد مبطن لمن التقط الصورة، لكي نتوه بعدها متسائلين: هل التحقيق سينصب حول من كدس التلاميذ في ذلك الفصل الضيق أم سيعمل فقط على كشف ملتقط الصورة ومعاقبته..؟!
هناك مئات، أو آلاف الأمثلة، لدخول مرتبك فوق العادة، حيث أحس آباء التلاميذ أن التعليم مسألة وجودية، وأن تلك الأيام التي كان فيها التعليم يشبه نزول المطر، قد ولت إلى غير رجعة، حتى لو رجع الفيروس إلى قواعده يوما ما.
في كل هذا الارتباك يتصرف أرباب التعليم الخاص ببرودة دم مستفزة. فأغلبهم قرروا أن يأكلوا الكتف في وقت لا يجد الناس شهية لأي شيء، لذلك وزعت الكثير من “شركات” التعليم الخاص استمارات تشبه عقود العمل في الخليج، أي عقود إذعان، يلتزم فيها الآباء بأداء مائة في المائة من أقساط الدراسة طوال العام، مهما كانت الظروف، باستثناء القيامة طبعا.
معذرة أيها الفيروس.. كنا نعتقد أنك الأكثر شرا..!