الدار/ رضا النهري
يعيش المغاربة هذه الأيام على إيقاع سؤال وجودي، وهو هل كان من اللازم الخضوع لحجر صحي قاس وصارم طوال أربعة أشهر، في الوقت الذي لم يكن معدل الإصابات يتجاوز العشر يوميا، أو الثلاثين في أقصى الحالات، بينما اليوم يموت العشرات ويصاب الآلاف كل يوم فيتصرف الكثير من الناس وكأن شيئا لم يكن.
هذا سؤال يردد الكثيرون هذه الأيام، ليس في المغرب فقط، بل في العالم كله، حيث يسود إحساس بأن البشرية تعرضت لأكبر “شمتة” في تاريخها، حين عطلت كل مرافق الحياة والاقتصاد بسبب فيروس كان يخيف أكثر مما يقتل، وحين صار يقتل أكثر مما يخيف تخلى الناس عن الكثير من الإجراءات الاحترازية، بل هناك إحساس بأن الخوف من الفيروس انتفى إلى الأبد.
أكثر ما يدفع إلى هذا الإحساس بالغبن، أو “الشمْتة” هو أن الكثير جدا من الناس تعرضت حياتهم للخراب خلال فترة الحجر الممتدة ما بين مارس ويونيو، وهي أصعب وأقسى فترة حجر، وخلالها كانت مصائر الكثير جدا من الناس معلقة بخيط رفيع، وخلال هذه الفترة أفلست الكثير من المقاولات وفقد الكثيرون وظائفهم وتحولت الحياة إلى قطعة من الجحيم.
ما ينمي هذا الإحساس هو ما يعيشه الناس حاليا من طلاق مخيف مع الخوف من الفيروس. وحتى وإن بدا الناس يرتدون الكمامات في الشوارع فإنهم يفعلون ذلك من باب رد الحرج وتجنب الغرامة في حال وقفت عليهم سيارة شرطة، والأغلبية الساحقة ترتدي كمامات لأيام طويلة، بل لأسابيع متوالية حتى من دون غسلها.
الكثير من الذين فقدوا أعمالهم ومنازلهم أو أفلسوا، لن يستطيعوا استرداد ذلك في الأمد القريب، بل وحتى في الأمد البعيد، والأكثر من هذا أنهم لن يستطيعوا أبدا استرداد ما هو أعز من ذلك، وهو نفسيتهم المهمشة التي تكسرت إلى الأبد، ليس فقط بسبب الخوف، بل بسبب الإحباط، رغم أن مستقبل الفيروس لا يزال غامضا جدا ولا أحد يتكهن بما يمكن أن يخفيه للبشرية.