لماذا حزب الأحرار هدف للكثير من محاولات الهدم والتخريب السياسي المتعمد؟
الدار / افتتاحية
من الواضح أن العمل الميداني الذي ينجزه حزب التجمع الوطني للأحرار يزعج ويثير حنق الكثير من الأطراف. النجاح الكبير الذي حققته قافلة “100 يوم 100 مدينة” لا يمكن أن يستسيغه خصوم هذا الحزب هكذا دونما رد فعل معلن أو خفي. التميز الذي حققه وزراء التجمع منذ بداية الجائحة في القطاعات التي يشرفون عليها يثير أيضا غيرة سياسية تخرج أحيانا عن حدود التنافس المعقول والتدافع المشروع. لا يجب أن ننسى أن كل ما سيتذكره المغاربة من هذه الأزمة الصحية هو الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارات الاقتصاد والمالية، والفلاحة والصناعة والتجارة لتوفير كل الاحتياجات الطبية والتموينية، وسد الخصاص الاقتصادي ببرامج الدعم المباشر. أحببنا أم كرهنا، هذه كلها قطاعات يسيرها وزراء تجمعيون أثبتوا كفاءة منقطعة النظير.
وفي عالم المنافسة السياسية، يعتبر النجاح في حد ذاته خصما للفاشلين. لن نبالغ إذا قلنا إن حزب التجمع الوطني للأحرار، بفكره الليبرالي ورهانه على خلق الثروة أولا، كان وسيكون هدفا للكثير من محاولات الهدم والتخريب السياسي المتعمد، خصوصا أننا على مشارف سنة انتخابية يرتقب أن تكون ساخنة جدا. وبعد كل ما خلفته الحملات الفيسبوكية السابقة من نتائج معكوسة عززت من صورة الحزب ومكانة أطره، لم يعد أمام أعداء النجاعة والنجاح من سبيل سوى الضرب من الداخل. تفكيك الجبهة الداخلية لحزب التجمع الوطني للأحرار أصبح هدفا للكثير من الأطراف في الآونة الأخيرة، بعد أن انتهت مرحلة الاستهداف الفردي لبعض الرموز والكفاءات، دون أن تؤدي الغرض المطلوب.
هذا ما يفسر إحياء الحديث عن “موضة الحركات التصحيحية”. عندما يسمع المتابع للشأن السياسي مفهوم “الحركة التصحيحية” فإنه يعتقد أنه في رحاب حزب ستاليني أو قومجي من مرحلة الحرب الباردة، حيث كان للإيديولوجيا وطأتها وتأثيرها على القواعد والمنتمين والمتعاطفين. والحال أننا نتحدث اليوم عن حزب عصري يضع نصب عينيه الفعل أكثر من القول. لم نسمع يوما قيادات التجمع الوطني للأحرار وهي تطلق الأوراق السياسية والمقترحات المذهبية، وتناقش وتسهب في النقاش حول قضايا نظرية لا علاقة لها بواقع المغاربة واحتياجاتهم وانتظاراتهم الاقتصادية والاجتماعية.
لأجل ذلك فإن الحديث عن “حركة تصحيحية” داخل حزب التجمع الوطني للأحرار يبدو نكتة سخيفة، خصوصا أن واقع عمل الحزب، بل وحتى تاريخه، كان دائما وظيفيا وعمليا ومرتبطا بالإنجاز والفعالية في تنزيل البرامج والتصورات الملكية أو الحكومية. لكن كما يقال إذا “عُرف السبب بطُل العجب”، عندما نتذكر أن آفاق الحزب الأغلبي الذي يرأس الحكومة حاليا ليست كما يراها ولا كما يحبها أنصاره، في الوقت الذي بدأ فيه الحديث داخل الحزب عن عقد مؤتمر استثنائي لمراجعة المسار. وحزب العدالة والتنمية أكثر من يدرك أن سقوطه أو تراجعه المحتمل سيكون لصالح حزب التجمع الوطني للأحرار حليفه في الحكومة الحالية ومنافسه المستقبلي.
هذه الحرب الجديدة التي تراهن على تفكيك الجبهة الداخلية باختلاق أزمات وهمية، هي جزء من عقلية سياسية لا يؤمن بها حزب التجمع الوطني للأحرار، ونكاد نجزم أنه لا يعرفها. عقلية ممارسة السياسة لأجل السياسة لا أقل ولا أكثر هي للأسف فهم خاطئ وسلوك ضال شاع في ثقافة العديد من الأحزاب والنخب في مشهدنا السياسي. وقد يتصور بعض من ابتلوا بهذه العقلية أن استراتيجية الانقلابات وبث روح الفرقة والتشكيك يمكن أن تنجح حتى مع حزب قام منذ زمن بتحيين مفهومه للعمل السياسي باعتباره مجرد وسيلة لخدمة المجتمع لا أداة لخدمة العقيدة الإيديولوجية وحرسها.