هل يدفع آيت الطالب ثمن تفاقم الوضعية الوبائية؟
الدار / افتتاحية
كلما زادت الوضعية الوبائية تفاقما كلما زادت وضعية وزير الصحة خالد آيت الطالب حرجا. ويبدو أن الوزير بدأ يستشعر أن الخناق بدأ يضيق شيئا فشيئا حول رقبته وأن سهام النقد ستتضاعف في الأيام القليلة المقبلة خصوصا وأن المغرب مقبل على أسابيع قد تعرف تزايدا في أعداد المصابين والوفيات. ومن علامات هذا الاستشعار تركيز وزير الصحة في الآونة الأخيرة على التواصل بخصوص الأنباء التي تتحدث عن قرب الشروع في تلقيح المواطنين ضد فيروس كورونا المستجد. بل إن دائرة النقد اللاذعة التي يواجهها دفعته يوم الإثنين إلى إعلان غير مسبوق بحديثه عن أن اللقاح سيكون جاهزا قبل متم سنة 2020، في إشارة إلى اللقاح الصيني الذي يتم تطويره واقترب من نهاية مراحل تجربته الطبية والعلمية.
لكن هذه التصريحات المتفائلة لم تنجح في تجنيب وزير الصحة الاتهامات والنقد من كل الجهات بما في ذلك أحزاب الأغلبية التي ينتمي إليها. والظاهر أن غياب الغطاء الحزبي لهذا الوزير التقنوقراطي، يضعه اليوم في مرمى كل الهجمات التي تستهدف التقليل من شأن التدبير الحكومي لجائحة فيروس كورونا المستجد. فعلى ما يبدو لو كان للوزير آيت الطالب تذكرة حزبية معينة لما تُرك وحيدا يواجه اليوم أصوات المعارضة والمجتمع المدني بل وحتى الإدارة الترابية التي لم توفر انتقاداتها لتدبير المستشفيات في بعض الأقاليم والجهات.
فبالأمس لم يوفر الفريق الاستقلالي بمجلس النواب اتهاما أو نقدا إلا وجهه لوزارة الصحة، مؤكدا أنه ورغم ما صرف على قطاع الصحة من صندوق كورونا لإبرام صفقات تفاوضية، إلا أن ما يلاحظ هو تزايد عدد الإصابات والوفيات، في ظل غياب أي تواصل أو توضيح من طرف الحكومة. وتساءل الفريق خلال جلسة الأسئلة الشفوية الموجهة لوزير الصحة، حول الأسباب الكامنة وراء تردي الوضع الصحي، في غياب رؤية شمولية قادرة على التعاطي مع الأزمة الصحية وتداعياتها.
وذهب فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب أبعد من ذلك في نقد لوزير الصحة معتبرا أن الوضعية الوبائية بالبلاد ليست مقلقة، وإنما هناك انفلات، فالأرقام المصرح بها غير حقيقية. وأوضح الفريق في تعقيبه على وزير الصحة أن عددا كبيرا من التحاليل لا يتم إجراؤها، فمجموعة من المستشفيات باتت تعتمد على الكشف عبر “السكانير”، ولم تعد تجري تحاليل طبية نظرا للصعوبة في الولوج إليها، فضلا عن أن التحاليل لم تعد تجرى للمرضى إلا بالتدخلات والزبونية.
ومن الواضح أن أخطر اتهام يواجهه اليوم وزير الصحة هو اختلاط الإهمال بالفساد. إذ لم تقتصر انتقادات المعارضة والمجتمع المدني، فقط على عدم كفاءة الوزارة في تدبير الجائحة، وإنما خصوصا على الجانب المتعلق بشفافية الصفقات التي تم إبرامها. وقبل بضعة أيام انضافت النقابات إلى الجهات التي تحاصر وزارة الصحة بمطالبات الكشف عن مدى شفافية التدبير، حيث طالب المكتب النقابي الموحد بالمستشفى الجامعي التابع للإتحاد المغربي للشغل، من وزارة الصحة وجميع الهيئات الرقابية المعنية، بضرورة فتح تحقيق في جميع الصفقات التي أبرمها مستشفى الأنكولوجيا وأمراض الدم التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش.
وكلما تقدمنا أكثر نحو تفاقم الجائحة كبرت كرة الثلج التي يركض آيت الطالب أمامها، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة عن ما ستسفر عنه أبحاث المجلس الأعلى للحسابات وما سيتضمنه تقريره المقبل برسم سنة 2020 بخصوص صفقات الجائحة. وما دامت الحكومة لم تقدم إلى حدود اليوم الحساب بخصوص هذا التدبير، فإن ما يلاحظ من تركيز على وزارة الصحة قد يوحي بأننا سائرون في اتجاه تحميل الوزير كامل المسؤولية السياسية والإدارية عما يحدث، ولربما رأيناه عما قريب في عداد من يدفعون ثمن هذا التدبير.