هل يعادي حزب الإخوان بالمغرب القضية الوطنية المغربية بمعاداته لدولة الإمارات؟
الدار / افتتاحية
على ما يبدو فإن فتح الإمارات العربية المتحدة لقنصليتها لا يغيظ حكام الجزائر، وحدها بل يثير أيضا رد فعل سلبي غير مفهوم من طرف حزب العدالة والتنمية، الذي لا يزال يلزم الصمت تجاه هذه الخطوة التاريخية، وكأن الأمر لا يتعلق بتطور مهم في القضية الوطنية. وبينما تحتفي جل القوى السياسية والحزبية وكل الفاعلين الإعلاميين والمدنيين بهذا القرار، وحده حزب العدالة والتنمية لا يزال يمارس تقيته تجاه هذا الحدث. والظاهر أن الحزب أوكل إلى بعض أعضائه وبرلمانييه مهمة تصريف الموقف السياسي من الخطوة الإماراتية وهذا ما جسدته تدوينة مثيرة للجدل اقترفها النائب البرلماني ابراهيم الضعيف وكتب فيها “الإمارات تدخل العيون: الله يخرج العاقبة على خير”.
بماذا يمكن وصف هذه الخطوة، وهذا التصريح إذا؟ لا يتعلق الأمر بتصريح عضو في الحزب أو متعاطف معه، بل بتصريح برلماني منتخب ينتمي إلى المؤسسة التشريعية، هذا يعني أنه واحد من القيادات التي يفترض أنها ملزمة بالانضباط الحزبي، هذا الانضباط الذي يمثل بالمناسبة عملة رائجة لدى الحزب الإسلامي، بل إنه يتجاوز الانضباط أحيانا إلى الطاعة. أبسط ما يمكن أن يوصف به هذا الموقف، هو الغباء السياسي، إذ يصر هذا الحزب على السباحة ضد المصالح الوطنية في قضية الوحدة الترابية التي يعلم الجميع مدى قداستها بالنسبة للمغرب والمغاربة.
نعلم جميعا أن العلاقات بين حزب العدالة والتنمية والإمارات العربية المتحدة ليست على ما يرام، بسبب الولاء السياسي لقوى دولية أخرى كقطر وتركيا. لكن أليس في حزب العدالة والتنمية رجل رشيد يمنع إدخال الحزب في هذا الصدام وهذا التناقض مع المصالح الوطنية؟ لقد كان حريا بقيادة الحزب أن تتعاطى بذكاء مع هذا الحدث، الذي يمثل إجماعا وطنيا لا يمكن وضعه تحت طائلة الخلافات الحزبية والعقائدية التي تحكم مواقف بعض التيارات هنا وهناك. أن يختلف الإسلاميون مع الإمارات العربية المتحدة قضية، لكن أن يوظفوا هذا الخلاف في اتخاذ موقف متشنج من تدشين تمثيليتها الدبلوماسية في الصحراء المغربية قضية أخرى.
إذا لم يكن هذا الموقف من باب الغباء، فلا بد أنه إذا من باب الولاء لتوجهات ومصالح لا تهم بلدنا وقضيتنا لا من قريب ولا من بعيد. لقد بذل المغرب والمغاربة الغالي والنفيس من أجل تحصين الوحدة الترابية والدفاع عنها، بل قدموا مئات الشهداء وأنفقوا ملايير الدولارات لبناء مدن وحواضر لم يكن لها وجود على أرض الواقع. ولذلك فإن على حزب العدالة والتنمية أن مكانة الصحراء المغربية تتجاوز بكثير مصالحه الانتخابية والسياسوية الضيقة، بل إنه مطالب أكثر من أي وقت مضى، بالتضحية بما قد يعتبره ثوابت في نهجه وعلاقاته الخارجية، وتعديل نظرته إليها باعتماد معيار المصلحة الوطنية أولا وأخيرا.
ننتظر إذا من حزب العدالة والتنمية أن يعدل من بوصلة علاقاته الخارجية، فليس المطلوب هو أن يهلل للإمارات العربية المتحدة لأن ذلك شأنه الداخلي، ولكن عليه على الأقل أن يراعي المصالح الوطنية، ولا يضع قضية الوحدة الترابية في موضع المزايدة والمساومة بناء على اعتبارات الصراعات الإقليمية والدولية، التي لطالما اكتوت قضيتنا الوطنية بتداعياتها.