لماذ اتخذ إعلام “الحزب الإسلامي” حيادا سلبيا في قضية افتتاح قنصلية الإمارات بالعيون؟
الدار/ افتتاحية
يتواصل الموقف المتشنج والمرتبك لحزب العدالة والتنمية من افتتاح دولة الإمارات العربية المتحدة لقنصلية عامة لها بمدينة العيون بالصحراء المغربية، بعد أن لوحظ تجاهل منسق وغير مفهوم لهذا الخبر في مختلف الوسائط الإعلامية التابعة للحزب ومنظماته الموازية. إذ لم يورد الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية هذا الخبر في منشوراته اليومية، كما لوحظ أيضا أن تدوينات رئيس الحكومة سعد الدين العثماني لم تتطرق إلى هذا الحدث الدبلوماسي الهام، علما أن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية اعتاد أن يتواصل بشكل يومي عبر صفحتيه على فيسبوك وتويتر في كل صغيرة وكبيرة، تتعلق بالشأن الوطني.
وبينما نشر الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية في اليوم نفسه الذي تم فيه افتتاح القنصلية الإماراتية خبرا يهم دعم دولة جيبوتي لمقترح الحكم الذاتي، وقام من قبل بتغطية أخبار كل القنصليات الافريقية التي تم افتتاحها، يتردد الحزب سواء رسميا أو تنظيميا في اتخاذ موقف صريح من هذه الخطورة الإماراتية المهمة، التي يرتقب أن تكون لها انعكاسات غاية في الإيجابية على قضية وحدتنا الترابية، مع تباشير قرب افتتاح قنصليات عربية أخرى في الأقاليم الجنوبية. والموقف الوحيد الذي سجل لحزب العدالة والتنمية لحد الساعة حول الموضوع موقف سلبي تماما جسدته تدوينة البرلماني إبراهيم الضعيف الذي كتب على حسابه الخاص في فيسبوك: “الإمارات تدخل العيون: الله يخرج العاقبة على خير… رسميا اليوم، تم افتتاح قنصلية عامة للإمارات العربية المتحدة في مدينة العيون”، قبل أن يقوم بحذفها ونشر تدوينة جديدة ترحب بالخطوة وتباركها بعد أن حذره البعض في التعليقات.
هذا التشنج والصمت لا يمكن تأويله بأنه تدبير حكيم لخلاف الإسلاميين مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بل هو على ما يبدو موقف صريح يعارض هذا التموقع الإماراتي الجديد في الأقاليم الجنوبية، علما أن هذه الخطوة تتم تحت إطار العلاقات الاستراتيجية المشتركة مع المغرب، وتحت أعين السيادة الوطنية، وتهدف بالأساس إلى خدمة القضية الوطنية بانتزاع اعترافات عملية بمغربية الصحراء، التي لطالما عانت من الحياد السلبي للعديد من البلدان الشقيقة والصديقة. واليوم وبعد أن قررت أبو ظبي الخروج إلى العالم بهذا القرار الذي سيكون له ما بعده، يواصل حزب العدالة والتنمية إعطاء الأسبقية لتوجهاته وانتماءاته الإيديولوجية ولو كانت على حساب المصالح الوطنية.
ولا يمكن أن نعتبر أبدا هذا التجاهل الإعلامي المنسق مجرد صدفة، أو موقف شخصي لهذا القيادي أو ذاك. إن تجاهل خبر معين بهذه الأهمية من مختلف الوسائط التي تمثل الحزب، لا يمكن أن يكون إلا قرارا تنظيميا داخليا غير معلن، تقرر بعد نقاش داخلي، استقر فيه الرأي على عدم الإشادة بهذا الحدث، واللجوء إلى حياد سلبي واضح. والحقيقة أن القضية الوطنية لا يمكن أن تكون موضوع حياد سلبي من أي من القوى السياسية والحزبية الوطنية. إننا لا نتحدث عن تدشين مشروع استثماري ضخم أو الحصول على قرض مالي كبير أو دعم دبلوماسي في مجلس الأمن، وإنما نتحدث عن قرار تاريخي، لم تتخذه أي دولة عربية من قبل، ويعول عليه كثيرا من أجل إحداث ذلك المنعطف الذي ننتظره منذ زمن طويل في قضيتنا الوطنية، لإخراجها من دائرة الجمود والوضع القائم إلى دائرة الحل السياسي النهائي. وفي مثل هذه الظروف إذا يعتبر الصمت قرارا مشبوها ينبغي لحزب العدالة والتنمية الذي يمتلك من الحصافة السياسية ما يكفي لكي يقدم المصالح الوطنية على خلافاته التاريخية والإيديولوجية.