ختام المحادثات الليبية بتونس دون تعيين حكومة موحدة
انتهت المباحثات الليبية التي تجرى في تونس من دون التوصل إلى اتفاق حول أسماء أعضاء السلطة الموحدة على أن تستأنف الأسبوع المقبل في مؤشر إلى صعوبة إخراج البلاد من نزاعات مستمرة منذ عقد من الزمن.
وضمّ ملتقى قمرت قرب العاصمة التونسيّة، 75 ممثّلاً عن جميع الجهات، اختارتهم الأمم المتحدة حسب انتمائهم الجغرافي أو السياسي أو الأيديولوجي، ولكن من دون الأطراف الرئيسيّة.
وقالت مبعوثة الأمم المتّحدة بالوكالة إلى ليبيا ستيفاني وليامز في مؤتمر صحافي مساء الأحد إن المباحثات “ستتواصل الأسبوع المقبل افتراضيّاً” بتقنيّة الفيديو “للاتّفاق على آليّات ومعايير اختيار” الشخصيّات التي ستتولّى السلطة مُستقبلاً.
وأكّدت وليامز أنّها “راضية جدًّا عن مخرجات هذه المفاوضات”، خصوصًا في ما يتعلّق “بالتوافقات حول خارطة الطريق وصلاحيّات السلطات التنفيذيّة”.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت الجمعة أنّ المندوبين في تونس وافقوا على إجراء انتخابات وطنية في 24 ديسمبر 2021، من دون تحديد ما إذا كانت انتخابات رئاسيّة أو برلمانيّة أو انتخابات عامّة.
وكان يتعيّن على الممثّلين تحديد صلاحيّات حكومة موحّدة مكلّفة تنظيم الانتخابات وتلبية احتياجات الليبيين المستائين من الفساد وانهيار الخدمات. كذلك يتعيّن عليهم اختيار المسؤولين الرئيسيّين لهذا الجهاز التنفيذي، المؤلّف من مجلس رئاسي مكوّن من ثلاثة أعضاء ورئيس للحكومة.
وقالت وليامز “لقد توصّلنا إلى توافق حول ثلاثة ملفّات مهمّة، هي خريطة طريق (نحو إجراء انتخابات)، وشروط الترشّح، وصلاحيّات السلطة التنفيذيّة”.
وأضافت وليامز “لا يمكن حلّ عشر سنوات من الصراع في أسبوع واحد”.
وتشهد ليبيا فوضى وأعمال عنف منذ سقوط نظام معمّر القذافي في العام 2011. وتتنافس على السلطة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة والتي تتّخذ طرابلس مقرًّا، وحكومة موازية في الشرق مدعومة من البرلمان الليبي برئاسة عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر الذي يقود “الجيش الوطني الليبي”.
لم تُحدّد الأمم المتحدة على الفور ما هي الصلاحيّات التي ستُعطى لرئيس المجلس الرئاسي، الذي كانت مسألة تكليفه بمنصب قائد القوّات المسلّحة مدار بحث.
وستكون هذه السلطة الموحدة مولجة الحكم مدة سنة لتنظيم الانتخابات وتلبية حاجات الليبيين الذين سئموا من الفساد وغياب المرافق العامة في حين تملك بلادهم أكبر احتياطي نفطي مثبت في إفريقيا.
– “لا شيء ملموسا” –
وأتت هذه المناقشات عقب وقف إطلاق النار الذي تمّ إضفاء الطابع الرسمي عليه في أكتوبر، بعد توقّف الأعمال القتاليّة في يونيو بين حكومة الوفاق الوطني وقوّات حفتر.
وأنهى وقف إطلاق النار رسميا معارك استمرت مدة عام بين قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس وقوات رجل شرق ليبيا القوي خليفة حفتر.
وأُحرز مذّاك تقدّم على الصعد الاقتصاديّة والعسكريّة والسياسيّة، بعد جولات عدّة من المحادثات. أعربت وليامز عن “تفاؤلها” في افتتاح المفاوضات.
وعقدت المناقشات في تونس بالتزامن مع محادثات عسكرية في مدينة سرت الساحلية الليبية تتعلق بآليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. واتفق المشاركون على “إخراج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من المنطقة المستهدفة بفتح الطريق الساحلي وتجميعهم في طرابلس وبنغازي للبدء في مرحلة تالية مغادرتهم الاراضي الليبية”.
إلا أن التقدم السياسي المعلن في تونس يبقى نظريا جدا حتى الآن.
ففي السنوات الأخيرة أعلن تنظيم انتخابات مرات عدة من دون أن تتبلور. ولا تزال الطبقة السياسيّة تُعارض إلى حدّ كبير الانتخابات. ودعا مسؤولون ليبيّون منتخبون، السبت، إلى اعتماد دستور قبل تنظيم انتخابات في البلاد.
ولا يزال تشكيل السلطة التنفيذية الموحدة بعيد المنال.
وقال الباحث جلال حرشاوي “لضمان أن تكون هذه الهيئة مقبولة سياسيا ودبلوماسيا يجب تعيين أشخاص لكل من المناصب الرئيسية وما لم يتم تجاوز هذه المرحلة لا يحمل الاتفاق أي شيء ملموس”.
وأضاف أن المفاوضات تتعرقل بسبب “تعطش مفرط إلى السلطة من الجانبين” الغرب وراعيه التركي من جهة، والشرق وراعيه الإماراتي من جهة أخرى.
وقد تُعرقل الجماعات المسلّحة أو رعاتها الدوليّون اتّفاقًا لا يتوافق ومصالحها، في بلد شهد انخراطًا متزايدًا لقوى أجنبيّة وحيث لا تزال الهدنة هشّة.
المصدر: الدار– أف ب